و في رواية: أقبل بقبس من نار، و هو يقول: إن أبوا أن يخرجوا فيبايعوا أحرقت عليهم البيت. فقيل له: إن في البيت فاطمة (عليها السلام)، أ فتحرقها؟! قال: سنلتقي أنا و فاطمة.
فساروا إلى منزل علي (عليه السلام) و قد عزموا على إحراق البيت بمن فيه.
قال أبي كعب: فسمعنا صهيل الخيل و قعقعة اللجم و اصطفاق الأسنة. فخرجنا من منازلنا مشتملين بأرديتنا مع القوم حتى وافوا منزل علي (عليه السلام)، و كانت فاطمة (عليها السلام) قاعدة خلف الباب، قد عصّبت رأسها و نحل جسمها في وفاة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله). فلما رأتهم أغلقت الباب في وجوههم و هي لا تشك أن لا يدخل عليها إلا بإذنها. فقرعوا الباب قرعا شديدا و رفعوا أصواتهم و خاطبوا من في البيت بخطابات شتّى و دعوهم إلى بيعة أبي بكر و صاح عمر:
يا ابن أبي طالب! افتح الباب؛ و اللّه لئن لم تفتحوا لنحرقنّه بالنار.
و الذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم.
اخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون و إلا قتلناك.
إن لم تخرج يا ابن أبي طالب و تدخل مع الناس لأحرقن البيت بمن فيه.
يا ابن أبي طالب! افتح الباب و إلا أحرقت عليك دارك.
و اللّه لتخرجن إلى البيعة و لتبايعن خليفة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و إلا أضرمت عليك النار.
يا علي! اخرج و إلا أحرقنا البيت بالنار.
فخرجت فاطمة (عليها السلام) فوقفت من وراء الباب، فقالت: أيها الضالّون المكذّبون! ما ذا تقولون و أيّ شيء تريدون؟ فقال عمر: يا فاطمة! فقالت: ما تشاء يا عمر؟ قال: ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب و جلس من وراء الحجاب؟
فقالت: طغيانك يا شقي أخرجني و ألزمك الحجة، و كل ضالّ غوى. فقال: دعي عنك الأباطيل و أساطير النساء و قولي لعلي يخرج. فقالت: لا حب و لا كرامة؛ أ بحزب الشيطان تخوّفني يا عمر؟! و كان حزب الشيطان ضعيفا.