ما ذا أقول بعد ما تختلف الأمة المصرية في حفلة جامعة في أوائل سنة 1918 بإنشاد هذه القصيدة العمرية التي تتضمّن ما ذكر من الأبيات؟! و تنشرها الجرائد في أرجاء العالم، و يأتي رجال مصر نظراء أحمد أمين و أحمد الزين و إبراهيم الأبياري و على جارم و علي أمين و خليل مطران و مصطفى الدمياطي بك و غيرهم، و يعتنون بنشر ديوان هذا شعره، و بتقدير شاعر هذا شعوره، و يخدشون العواطف في هذه الأزمّة، في هذا اليوم العصبصب، و يعكّرون بهذه النعرات الطائفية صفو السلام و الوئام في جامعة الإسلام، و يشتّتون بها شمل المسلمين، و يحسبون أنهم يحسنون صنعا!!
و تراهم يجد دون طبع ديوان الشاعر و قصيدته العمرية، خاصة مرة بعد أخرى و يعلّق عليها شارحها الدمياطي قوله في البيت الثاني: المراد أن عليا لا يعصمه من عمر سكنى بنت المصطفى في هذه الدار.
و قال في ص 39 من الشرح: و في رواية لابن جرير الطبري قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد بن كليب، قال: أتى عمر بن الخطاب منزل علي- و به طلحة و الزبير و رجال من المهاجرين- فقال: و اللّه لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة. فخرج عليه الزبير مصلتا بالسيف، فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه. فإن كان زياد هذا هو الحنظلي أبو معشر الكوفي فهو موثق. و الظاهر إن حافظا- رحمه اللّه- عوّل على هذه الرواية.
و تراهم بالغوا في الثناء على الشاعر و قصيدته هذه كأنه جاء للأمة بعلم جمّ، أو رأى صالح جديد، أو أتى لعمر بفضيلة رابية تسرّ بها الأمة و نبيها المقدس؛ فبشرى بل بشريان للنبي الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله) بأن بضعته الصديقة (عليها السلام) لم تكن لها أي حرمة و كرامة عند من يلهج بهذا القول، و لم يكن سكناها في دار طهّر اللّه أهلها و يعصمهم منه و من حرق الدار عليهم. فزه زه بانتخاب هذا شأنه، و بخ بخ ببيعة تمّت بذلك الإرهاب و قضت بتلك الوصمات.
لا تهمّنا هذه كلها و إنما يهمّنا الساعة بعد أن درسنا تاريخ حياة الخليفة الأول، فوجدناه لدة غيره من الناس العاديين في نفسياته قبل إسلامه و بعده، و إنما سنّمه عرش الخلافة الانتخاب فحسب. البحث في موضوعين ألا و هما: فضائله المأثورة و ملكاته النفسية.