ما أتى على علي (عليه السلام) يوم قط أعظم من يومين أتياه؛ فأما أول يوم فيوم قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و أما اليوم الثاني فو اللّه إني لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر و الناس يبايعونه، إذ قال له عمر: يا هذا، ليس في يديك شيء منه ما لم يبايعك علي؛ فابعث يأتيك فيبايعك، فإنما هؤلاء رعاع.
فبعث إليه قنفذا فقال له: اذهب فقل لعلي أجب خليفة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله). فذهب قنفذ، فما لبث أن رجع فقال لأبي بكر: قال لك: ما خلّف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أحدا غيري. قال: ارجع إليه فقل: أجب فإن الناس قد أجمعوا على بيعتهم إياه، و هؤلاء المهاجرون و الأنصار يبايعونه، و قريش، و إنما أنت رجل من المسلمين، لك ما لهم و عليك ما عليهم.
و ذهب إليه قنفذ، فما لبث أن رجع فقال: قال لك: إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال لي و أوصاني إذا واريته و حفرته أن لا أخرج من بيتي حتى أؤلّف كتاب اللّه، فإنه في جرائد النخل و في أكتاف الإبل.
قال: قال عمر: قوموا بنا إليه. فقام أبو بكر و عمر و عثمان و خالد بن الوليد و المغيرة بن شعبة و أبو عبيدة بن الجراح و سالم مولى أبي حذيفة و قنفذ و قمت معهم. فلما انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة (عليها السلام)، أغلقت الباب في وجوههم و هي لا تشك أن لا يدخل عليها إلا بإذنها.