و ليس لنا بالنسبة إلى هذه الأمور إلا أن نرجع تبيين حقيقتها إلى اولى العلم و ولاة الأمر، و ننتظر ظهور الحجة مهدي آل محمد (عليه السلام) ليبين لنا الحقائق و يوضح لنا حقيقة الأمر ببيان تستوعبه نفوسنا.
الشخصية الاجتماعية للزهراء (عليها السلام)
إن شخصية الزهراء الاجتماعية لم تبيّن على حقيقتها كما هي، و لكن مع ذلك فالمقدار الذي ذكر قد نال إعجاب المؤالف و المخالف، فقرؤوا ذلك و أصغوا إليه في الاجتماعات و المحافل و لهجت الألسن بمدحه و تمجيده.
و في الحقيقة إن ميزان معرفتنا لمنزلة الزهراء (عليها السلام) و مكانتها أو مقدار تكريمنا لها حين معرفتنا لحالاتها و فضائلها الظاهرية، انما هو بمقدار مستوانا العلمي و المعرفي و بمقدار و عينا لهذه المسألة، و إلا فأنّى للقطرة بالبحر الكبير و أين الثريا من الثرى و كيف تشاهد الحوراء بعين عوراء.
و إن أبحاثنا لا تعني أننا قد استوعبنا فهم شخصيتها أو قد أدينا حقها؛ لأننا لا نرى سوى الأمور الظاهرية من حياة الزهراء (عليها السلام) و نرى من قبيل أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كان يقوم لها من مكانه حين قدومها ثم يقبّل يدها.
أما فهم حقيقة عظمة الزهراء (عليها السلام) فهو خارج عن نطاق وسعنا، و لا يمكننا معرفة المستوى التكاملي الذي نالته الزهراء (عليها السلام) و الذي جعل سيد البشر و سيد المرسلين الذي هو هدف الوجود أن يقوم من مقامه إجلالا و تعظيما لها.
و أما الجانب الآخر الذي أحببنا أن نشير إليه من حياة الزهراء (عليها السلام) الاجتماعية هو صبرها و هو صبر لا يمكننا الإحاطة به أبدا، لأن الزهراء (عليها السلام) قالت في هذا المجال: «صبّت عليّ مصائب لو أنها صبّت على الأيام صرن لياليا».
كما أنها أيضا عدّت من البكّائين الخمس في العالم، و كان بكاؤها على أثر الكبت و الجور الذي لاقته (عليها السلام) مدة خمسة و سبعين يوما بعد وفاة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله).