يعني هذا و مضى بينهما فقال: كل شيء أعطيته للحسن فهو تحت قدمي [1].
غلب على لسانه ما كان يعتقده من النكث به و البغي عليه، فلم يزل يكيده المكائدة و يبغيه الغوائل و يدس إليه من يسمّه، إلى أن بلغه أن شجر بينه و بين امرأته جعدة بنت أشعث بن قيس شرّ، و أنه قلاها و أراد أن يطلقها، فأرسل معاوية إليها بسمّ لتسقيه الحسن، و بمال أرضاها به، و وعدها أن يزوجها ابنه يزيد، فرغبت في ذلك منه و آثرت موت الحسن لتريه، و لئلا يطلقها فيلزمها عار الطلاق، فسقته ذلك السمّ فعمل فيه.
فيقال: إنه خرج يوما على من عنده من أصحابه و هو عليل فقال: «و اللّه ما خرجت إليكم حتى ألقيت من كبدي طائفة أقلتها بعود، و لقد سقيت السمّ مرارا فما كان بأعظم علي من هذه المرة».
فقيل: و من يك يا ابن رسول اللّه؟
قال: «و ما تريدون من ذلك؟».
قالوا: نطلبه بك.
قال: «إنكم لا تقدرون عليه و لكن اللّه بيني و بينه و علم من حيث أتى».
و أسند الإمامة إلى أخيه الحسين عليه السّلام فقام بها من بعده، و سنذكر بعد هذا خبره في موضعه إن شاء اللّه تعالى.
و روي عن الأسود: أنه دخل يوما على عائشة، و معاوية لعنة اللّه يحارب عليا عليه السّلام فقال: يا أم المؤمنين أ ما تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع بالخلافة رجلا من أهل بدر؟
[1]- مقاتل الطالبيين: 45، شرح نهج البلاغة: 16/ 46.