على إرادة خلاف الموضوع له و إلا كانت الدلالة التصديقية على طبق القرينة المنصوبة.
و المعروف أن الدلالة الأولى (التصورية) معلولة للوضع، أي: أن الدلالة الوضعية هي الدلالة التصورية. و هذا هو مراد من يقول: «إن الدلالة غير تابعة للإرادة بل تابعة لعلم السامع بالوضع» (1).
و الحق (2): أن الدلالة تابعة للإرادة، و أول من تنبه لذلك فيما نعلم الشيخ نصير الدين الطوسي «أعلى الله مقامه»، لأن الدلالة في الحقيقة منحصرة في الدلالة التصديقية، و الدلالة التصورية التي يسمونها دلالة ليست بدلالة، و إن سميت كذلك فإنه من باب التشبيه و التجوز (3)، لأن التصورية في الحقيقة هي من باب تداعي المعاني الذي يحصل بأدنى مناسبة (4). فتقسيم الدلالة إلى تصديقية و تصورية تقسيم الشيء إلى نفسه (5) و إلى غيره (6).
و السر في ذلك: أن الدلالة حقيقة- كما فسرناها في كتاب المنطق الجزء الأول
(1) الشّيخ المظفّر يريد أن يقول في هذه العبارة: إن تصور المعنى غير تابع للإرادة؛ (لا إنه يريد أن يقول إن تصور المعنى غير معلول للوضع). و إذا كان غير تابع للإرادة، فهو إذا: لا يسمى دلالة. فإذا:
المصنّف يناقش في تسمية تصور المعنى من سماع اللفظ بالدلالة؛ لا إنه يناقش في كون تصور المعنى ليس معلولا للوضع، فإن هذا متفق عليه.
فعليه: إن تصور اللفظ من غير قصد لا يعتبر دلالة، و إنّما تكون طرقة الباب ذات دلالة إذا حصلت من شخص قاصد للطلب فإنها تدل على شخص مريد لك.
(2) هذا النزاع الحاصل بين المصنّف و المشهور نزاع لفظي، و ذلك لأن المشهور لما قالوا بأن الدّلالة غير تابعة للإرادة قصدهم من الدلالة هي التصورية، و لم ينتبهوا إلى إن التصورية ليست بدلالة، و المصنّف و الشّيخ نصير الدين الطوسي لما قالوا بأن الدّلالة تابعة للإرادة قصدهم الدّلالة التصديقية، فالنزاع إذا:
لفظي و لا خلاف ما بينهما.
(3) و وجه الشبه هو: أنه في كلا الدلالتين (التصديقية و التصورية) يحصل الانتقال، فالدلالة التصديقية يحصل انتقال من الدال إلى المدلول، و لكنه بقصد، بينما الدلالة التصورية يحصل انتقال من الدال إلى المدلول، و لكنّه من دون قصد.
(4) فحينما يصدر لفظ من النائم فإن السّامع ينتقل ذهنه إلى المعنى، و ذلك لتداعي المعاني الحاصلة بين اللفظ و المعنى، و الاقتران الحاصل بينهما.