إن القول باقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضده الخاص يبتني و يتفرع على القول باقتضائه للنهي عن ضده العام.
و لما ثبت- حسبما تقدم- إنه لا نهي مولوي عن الضد العام، فبالطريق الأولى نقول: إنه لا نهي مولوي عن الضد الخاص، لما قلنا من ابتنائه و تفرعه عليه (1).
و على هذا، فالحق: إن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده مطلقا سواء كان عاما أو خاصا.
أما كيف يبتني القول بالنهي عن الضد الخاص على القول بالنهي عن الضد العام و يتفرع عليه، فهذا ما يحتاج إلى شيء من البيان، فنقول:
إن القائلين بالنهي عن الضد الخاص لهم مسلكان لا ثالث لهما، و كلاهما يبتنيان و يتفرعان على ذلك:
(الأوّل): مسلك اللازم (2):
و خلاصته: أن حرمة أحد المتلازمين تستدعي و تستلزم حرمة ملازمة الآخر.
و المفروض: أن فعل الضد الخاص يلازم ترك المأمور به (أي: الضد العام)، كالأكل مثلا الملازم فعله لترك الصلاة المأمور بها. و عندهم أن الضد العام محرم منهي عنه- و هو ترك الصلاة في المثال- فيلزم على هذا: أن يحرم الضد الخاص و هو الأكل في المثال. فابتنى النهي عن الضد الخاص- بمقتضى هذا المسلك- على ثبوت النهي عن
(1) و بعبارة واضحة أقول: إذا كان الأمر بالصلاة لا يقتضي النهي عن ترك الصلاة، فمن باب أولى أن لا يقتضي النهي عن الإزالة أو الأكل.
(2) هذا المسلك يتوقف على مقدمتين:
المقدمة الأولى: الملازمة بين وجود الشيء و عدم ضده ملازمة وجودية.
المقدمة الثّانية: المتلازمان وجودا متلازمان حكما.
فإذا كانت الإزالة واجبة فلازمها و هو عدم الصلاة واجب، فإذا وجب ترك الصلاة حرم فعلها.
و بعبارة أخرى نقول: إن الأمر بالصلاة يقتضي النهي عن ضده العام (تركها)، فإذا كان ترك الصلاة منهيا عنه كان فعل الأكل منهيا عنه؛ لأنّ المتلازمين يجب أن يشتركا في الحكم، و فعل الأكل يلازم ترك الصلاة.
فالنتيجة: أن الأمر بالصلاة يقتضي النهي عن ضدها الخاص، و هو الأكل لكونه يلازم الضد العام (ترك الصلاة). و هذا ما يعبر عنه بمسلك التلازم.