بتأريخ أحدهما، أو الجهل بهما معا، فقد يقال في بعض الأحوال بتعيين أن يكون
و ليس بناسخ لأن الناسخ يشترط أن يكون متأخرا على المنسوخ.
الصورة الثانية: وروده بعد العام، لكن قبل حضور وقت العمل بالعام. هنا يكون الدليل الثاني مخصصا للدليل الأوّل، و ليس بناسخ لأن العلماء يشترطون في الناسخ: أن يكون واردا بعد وقت العمل بالمنسوخ أي: العام. و على هذا يتعين أن يكون الخاص مخصصا.
الصورة الثالثة: وروده بعد حضور زمان العمل بالعام، فهذه الصورة نفس الصورة السابقة و لكن نفترض الخاص هنا جاء بعد وقت العمل بالعام فإن هذا الخاص يكون ناسخا لا مخصصا؛ لأن المخصص مبين لمراد المولى من العام، فإذا أردنا أن نقول: هذا الخاص الذي ورد بعد وقت العمل بالعام أنه مخصص يلزم تأخير البيان أي: بيان العام عن وقت الحاجة و هذا غير جائز.
و أما إذا قلنا: إن الخاص هو ناسخ يعني: من الآن و من حين ورود الناسخ يزول حكم العام، و هذا لا إشكال فيه.
يطرح في المقام سؤالان: السؤال الأوّل: إذا قلنا: لا يجوز تأخير المخصص عن وقت الحاجة فما ذا تقول في المخصصات الواردة في الكتاب و السنة ففي الكتاب: أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ، و بعد ذلك يأتي من السنة مخصصات تقول:
«بيع الصبي باطل» و «بيع السّفيه باطل» و «بيع المجنون باطل» و هكذا. يلزم من هذا القول: أن أكثر الأحكام الإسلامية منسوخة، إذا: لا نستطيع أن نقول بالنسخ و هنا و يتعين أن نقول: إن الخاص مخصص.
أجاب الشّيخ الآخوند الخراساني (قدس سره) على هذا الإشكال بما يلي: نحن نلتزم بأن هذه العمومات مثل: أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ عمومات ظاهرية و ليست أحكاما واقعية. حينئذ: تأخير بيان الحكم الواقعي لا يجوز دون الحكم الظاهري، و إذا كانت هذه العمومات ظاهرية كان الخاص مخصصا، و تأخير البيان في هذه الحالة ليس بقبيح لوجود مصلحة في بيان الحكم الظاهري، ثم يبينه بالحكم الخاص و هو الواقعي و المراد الجدي.
السؤال الثّاني: قلنا في الصورة الثانية: إن الخاص يرد قبل وقت العمل، و قلنا إن الخاص يكون مخصصا. و في الصورة الثالثة قلنا: إن الخاص ناسخا.
السؤال هو: إذا لا أدري أن الخاص ورد قبل العمل أو بعده ما هو الجواب: قد يقول قائل: بالتخصيص لأن التخصيص هو الشائع و بهذا الشياع يتولد لي ظن بالتخصيص. و لكن لا يوجد دليل على حجيته.
إذا: لا أستطيع أن أثبت بالظن أنه وارد قبل العمل حتى أقول بالتخصيص، حينئذ: نرجع إلى الأصول العملية في ظرف الشك. ففي قوله لو صدر قبل شهر: «أكرم العلماء» و «لا تكرم العلماء الفسّاق» نشك بحسب الفرض إنه هل يجب إكرام الفسّاق أم لا؟ فإذا قلنا: بأن الخاص مخصص فلا يجب إكرامهم في طول الشهر. و إذا قلنا: بأن الخاص ناسخ يجب إكرامهم في طول الشهر إلى حين صدور الناسخ. إذا: نحن نشك في جواب إكرام الفسّاق و عدمه، فالأصل البراءة من وجوب إكرام الفسّاق في طول الشهر إلى حين ورود الناسخ.