- في جواز التمسك بالعام (1) في الشبهة المصداقية إذا كان المخصص لبيا-.
بقاء العام على حجيته في المصداق المشتبه. (هذا كله على حد تعبير صاحب الكفاية مع التصرف).
- و بعبارة أخرى: إذا كان المخصص لبيا كأن يقول المولى: «أكرم الجيران» و لم يذكر المخصص و إنما العقل أو الإجماع حكم بعدم جواز إكرام الجيران الأعداء، فإذا شككت في بعض أفراد الجيران بأنهم أعداء أم لا؛ هنا هل يجوز التمسك بالعام و يجب إكرامهم أم لا؟
- صاحب الكفاية فصل قائلا: إذا كان هذا المخصص جلي و واضح إلى درجة يعد متصلا بالعام- و كأنه مخصص لفظي متصل بالعام- هنا لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، أي: لا ينعقد ظهور للعام في العموم حتى يجوز التمسك به في الفرد المشكوك.
- و أما إذا كان هذا الحكم العقلي ليس واضحا و جليا: يكون كالمخصص المنفصل اللفظي. بحيث ينعقد ظهور للعام في العموم، فيجوز حينئذ التمسك به في الفرد المشكوك بأن يكرم جميع الأفراد المشكوكة.
ما الفرق بين المخصص اللفظي و اللبي؟ الفرق هو: أن المخصص اللفظي توجد حجتان ألقاهما المولى:
1- الحجة الأولى: حجية العام دون الفسّاق في «أكرم العلماء إلا الفساق».
2- الحجة الثانية: حجية الخاص في قوله: «لا تكرم الفساق».
و إدخال الفرد المشكوك في فسقه و عدالته في أحد الحجتين ترجيح بلا مرجح، بينما المخصص اللبي لا توجد له إلا حجة واحدة فنتمسك بها إلى أن نعلم و نقطع بالمخصص.
ثم عقب صاحب الكفاية قائلا: سيرة العقلاء جارية على ذلك، فالمولى العرفي إذا أعطى العبد إناء من الطعام و قال للعبد: «أكرم الجيران» ثم قال بعد ذلك: «لا تكرم الجيران الأعداء»: هنا إذا شك العبد في بعض الأفراد بأنهم أعداء أم لا لا يجوز له التمسك بالعام لأن سيرة العقلاء جرت على ذلك. أما إذا قال المولى العرفي للعبد: «أكرم الجيران» و لم يقل له: «لا تكرم الجيران الأعداء»؛ و لكن عقل العبد يحكم بعدم إكرامهم و يشك في بعض الأفراد في بأنهم أعداء أم لا. فسيرة العقلاء جارية على وجوب إكرامهم كما عليه صاحب الكفاية، و يرجع ذلك السبب في تفريق العقلاء في هذا إلى النكتة الذي ذكرناها سابقا و هي: إذا كان المخصص لفظيا: فتوجد حجتان لا نستطيع أن ندرج هذا الفرد المشكوك في أحد الحجتين كما سبق بيانه.
و أما إذا كان المخصص لبيا: لا توجد إلا حجة واحد فنتمسك بها على شمول هذا الفرد المشكوك.
(1) تحديد العام: قد عرف العام بتعاريف كثيرة.
- منها: ما عن الغزالي من «أنه اللفظ الواحد الدال من جهة واحدة على شيئين فصاعدا».
- منها: ما عن أبي الحسن البصري من «أنه اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له».
- و منها: «أنه ما دل على مسميات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلقا جزئية أي: دفعة لا بدلا، كما في المنكر».
- منها: ما عن المحقق في المعارج من «أنه اللفظ الدال على اثنين فصاعدا من غير حصر».