و الزائد المشكوك ليس مشكوك الدخول فيما كان الخاص معلوم الحجية فيه (1) بل الخاص مشكوك أنه جعل حجة فيه (2) أم لا. و مشكوك الحجية في شيء ليس بحجة- قطعا- في ذلك الشيء (3). و أما العام فهو حجة إلا فيما كان الخاص حجة فيه.
و عليه: لا يكون الأكثر مرددا بين دخوله في تلك الحجة أو هذه الحجة كالمصداق المردد، بل هو معلوم إن الخاص ليس حجة فيه (4) لمكان الشك (5)، فلا يزاحم حجية العام فيه (6).
و أما فتوى المشهور بالضمان في اليد مشكوكة أنها يد عادية و يد أمانة فلا يعلم أنها لأجل القول بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، و لعل لها وجها آخر ليس المقام محل ذكره.
تنبيه (7):
(1) الضمير يعود على أفراد الخاص.
(2) الضمير يعود على الزائد.
(3) سيأتي في (مباحث الحجة): أن قوام حجية الشيء بالعلم، لأنه إنما يكون الشيء صالحا لأن يحتج به المولى على العبد إذا كان و اصلا إليه بالعلم، فالعلم مأخوذ في موضوع الحجة، فعند الشك في حجية شيء يرتفع موضوعها، فيعلم بعدم حجيته. و معنى الشّك في حجيته: احتمال أنه نصبه الشارع حجة واقعا على تقدير وصوله. و حيث لم يصل القطع بعدم حجيته فعلا فيزول ذلك الاحتمال البدوي عند الالتفات إلى ذلك، لا أنه حين الشك في الحجية يقطع بعدم الحجية؛ و إلا للزم اجتماع الشّك و القطع بشيء واحد في آن واحد و هو محال. (المصنّف).
(4) أي: في الأكثر.
(5) فإن الشكّ في الحجية يساوق عدمها.
(6) و بعبارة أخرى نقول: هناك في الشبهة المفهومية نحرز حجية العام في الفرد المشكوك «الأكثر»، و نشك في جعل الحجية للخاص في الفرد المشكوك، و الشّك في الحجية يساوق عدم الحجية، فيبقى العام حجة في الفرد المشكوك بلا مزاحم، بينما في الشبهة المصداقية ليس الأمر كذلك بل الأمر المشتبه مردد بين دخوله في حجية العام أو الخاص، و لا مرجح لأحدهما، فعليه لا يمكن التمسّك بالعام، و لا الخاص في الفرد المجمل.
(7) إذا ألحق العام بخاص يضيّق من سعة العام إلا أن الخاص الوارد على العام تارة يكون واضحا من حيث المصداق و المفهوم، و تارة ليس واضحا.
- و مثال: على وضوح الخاص من حيث المصداق و المفهوم، كما لو قال من تجب طاعته: «أكرم العلماء إلا فسّاقهم». و أنت تعرف معنى الفسق و حقيقته، و هذا يعبر عنه بالوضوح من حيث المفهوم.