2- (إنما): و هي أداة حصر مثل كلمة (إلا)، فإذا استعملت في حصر الحكم في موضوع معين دلت بالملازمة البينة على انتفائه عن غير ذلك الموضوع. و هذا واضح.
3- (بل): و هي للإضراب، و تستعمل في وجوه ثلاثة:
(الأوّل): للدلالة على أن المضروب عنه وقع عن غفلة (1) أو على نحو الغلط (2).
و لا دلالة لها حينئذ على الحصر. و هو واضح.
(الثّاني): للدلالة على تأكيد المضروب عنه و تقريره (3) نحو: زيد عالم بل شاعر.
و لا دلالة لها أيضا حينئذ على الحصر.
(الثّالث): للدلالة على الردع و إبطال ما ثبت أولا، نحو: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ، بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ.فتدل على الحصر، فيكون لها مفهوم (4). و هذه الآية الكريمة تدل على انتفاء مجيئه بغير الحق.
4- و هناك هيئات غير الأدوات تدل على الحصر، مثل: تقدم المفعول نحو:
إِيَّاكَ نَعْبُدُ. وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ،و مثل: تعريف المسند إليه بلام الجنس مع تقديمه نحو:
(العالم محمّد)، و (إن القول ما قالت حذام). و نحو ذلك مما هو مفصل في علم البلاغة (5).
(1) كقوله: «جاء زيد بل عمرو» فالمضروب عنه كأنه لم يؤت به أصلا.
(2) كقوله: «اشتريت دارا بل دكانا» فالمضروب عنه كالعدم.
و هذا النحو في التعليقتين السابقتين لا يفيد الحصر لأن المتكلم كأنه لم يتكلم بالأمر من أول الأمر إلا بما أخبر به بعد كلمة «بل»، فيكون المثالان كالتالي: «جاء عمرو» و «اشتريت دكانا» و من المعلوم أنهما من اللقب الذي لا مفهوم له كما سيأتي توضيحه إن شاء الله.
(3) و مثاله أيضا كقول الفقيه: «طهارة ماء الغسالة مثلا مما اشتهر بين الأصحاب، بل قام عليها الإجماع»، و المراد بالتأكيد هنا المبالغة. فيكون ذكر المضرب عنه توطئة و تمهيدا لبيان المضرب إليه من دون دلالتها على الحصر أصلا فلا مفهوم لها.
(4) و مثال آخر كأن يقال: «تقليد الأعلم أحوط بل واجب» و كقوله تعالى: وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ، و هذا النحو من أنحاء «بل» يد على الحصر، لدلالته على نفي الحكم عن المضرب عنه، و إثبات حكم آخر له مع الانحصار كإثبات العبودية فقط في الآية الشريفة لمن اتخذه الرحمن بزعمهم ولدا له سبحانه و تعالى [1].
(5) قال صاحب الكفاية في كفايته: «و مما يفيد الحصر- على ما قيل- تعريف المسند إليه باللام كقوله:
[1] راجع: منتهى الدراية في شرح الكفاية، ج 3، ص 440.