نام کتاب : المغازي نویسنده : الواقدي جلد : 2 صفحه : 809
(1) و جعلت لا ينزل منزلا إلّا أنا على بابه و معى ابني جعفر قائم، فلا يراني إلّا أعرض عنّى، فخرجت على هذه الحال حتى شهدت معه فتح مكّة و أنا على حيلة تلازمه حتى هبط من أذاخر [1] حتى نزل الأبطح [2]، فدنوت من باب قبّته فنظر إلىّ نظرا هو ألين من ذلك النظر الأوّل، قد رجوت أن يتبسّم، و دخل عليه نساء بنى المطلّب، و دخلت معهنّ زوجتي فرقّقته علىّ. و خرج إلى المسجد و أنا بين يديه لا أفارقه على حال حتى خرج إلى هوازن، فخرجت معه، و قد جمعت العرب جمعا لم يجمع مثله قطّ، و خرجوا بالنساء و الذّرّيّة و الماشية، فلما لقيتهم قلت: اليوم يرى أثرى إن شاء اللّه، و لما لقيتهم حملوا الحملة [3] التي ذكر اللّه: ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ[4].
و ثبت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه و سلم )على بغلته الشّهباء و جرّد سيفه، فأقتحم عن فرسي و بيدي السيف صلتا، قد كسرت جفنه، و اللّه أعلم أنى أريد الموت دونه و هو ينظر إلىّ، فأخذ العبّاس بن عبد المطلّب بلجام البغلة، فأخذت بالجانب الآخر، فقال: من هذا؟ فذهبت أكشف المغفر، فقال العبّاس: يا رسول اللّه، أخوك و ابن عمّك أبو سفيان بن الحارث! فارض عنه، أى رسول اللّه! قال:
قد فعلت، فغفر اللّه كلّ عداوة عادانيها! فأقبّل رجله فى الرّكاب، ثم التفت إلىّ فقال: أخى لعمري! ثم أمر العبّاس فقال: ناد يا أصحاب البقرة [5]! يا أصحاب السّمرة [6] يوم الحديبية! يا للمهاجرين! يا للأنصار
____________
[1] أذاخر: ثنية بين مكة و المدينة. (معجم ما استعجم. ص 84).
[2] الأبطح: البطحاء، أى وادي مكة. (معجم ما استعجم، ص 65).
[3] أى غزوة حنين. انظر تفسير الطبري. (ج 4، ص 178).