نام کتاب : المصطلحات الأصولية في مباحث الأحكام وعلاقتها بالفكر الأصولي نویسنده : عبد الله بشير محمد جلد : 1 صفحه : 208
و هذا الافتراق في الفكر الأصولي المتعلق بهذه التقسيمات إنما جاء عند الأحناف تبعا لنظرتهم إلى الأحكام باعتبار طريق وصولها إلى المكلفين، و اعتبار دلالة الدليل المختلفة، فإن الأحكام الثابتة بدليل قطعي الثبوت و لا شبهة فيه تخالف في حكمها الأحكام التي تثبت بدليل قطعي فيه شبهة، أو بدليل ظني الثبوت و الدلالة، أو ظنيّ أحدهما، فإن الأولى يكفر جاحدها، و الثانية لا يكفر جاحدها، و عليه فقد قسموا الحكم بهذا الاعتبار، و لاحظوا حال الدليل الذي يدل عليه، فقالوا إن ثبت الطلب الجازم للفعل بدليل قطعي الثبوت و الدلالة و لا شبهة فيه يسمى الحكم الناتج عنه فرضا، و إن ثبت بمثله طلب للترك يسمى تحريما، و إن ثبت بدليل قطعي فيه شبهة أو بدليل ظني فالحكم إيجاب، و إن ثبت بمثله طلب ترك فالحكم فيه كراهة التحريم.
أما الشافعية فإنهم لم يفرقوا بين تقسيم الحكم باعتبار نفسه من حيث وصفه، و هو طلب الفعل أو الترك طلبا جازما أو غير جازم، و بين تقسيمه باعتبار طريق وصوله إلى المكلف، فجعلوا الأقسام خمسة على الاعتبارين [1].
و الواقع أن المحققين من الأصوليين قد تفاوتت أفكارهم في هذا الخلاف، فبنى بعضهم- على ما سبق تقريره- اعتبار كون الخلاف لفظيا، و لا أثر له في الفروع، و من مؤكدات ذلك اتفاقهم- رغم ظاهر الخلاف- على إلزام المكلف بفعل الفرض و الواجب، و ترك الحرام