و وجه الحاجة إلى علم الاصول أن كثيرا من القواعد المذكورة فيه مختلف فيها بين العلماء، و لا بد لمن ينظر فى الفقه أن يتدبر أدلة الأقوال و يختار واحدا منها، و كثير منها لا يتنبه لها الإنسان بدون التنبيه، و بعضها من القواعد اللغوية و الكلامية، التى لا يستغنى الفقيه عن تدرسها.
و خالف فى ذلك الأخباريون، و زعموا أن الاصول فضول لا يحتاج إليها، لأن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) كانوا فقهاء مع عدم تداول هذه المباحث بينهم، و لأن الاصول من مخترعات العامة غير مأخوذة من أهل بيت الوحى و الرسالة، و لأن هذه المسائل الاصولية أكثرها فطرية، يتنبه لها الإنسان من غير أن يتعلم، و الباقى امور لا دليل على حجيتها.
و الحق أن الفقهاء من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) أيضا لم يكونوا مستغنين عن هذه المسائل، و إن كان علم الاصول غير مدون عندهم،