responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحاسن و المساوي نویسنده : البيهقي، ابراهيم    جلد : 1  صفحه : 8

الغوطة. قال: بلى و اللّه، كتاب فيه أدب يجلو الأفهام و يذكي القلوب و يؤنس الأنفس أحسن منها. و قال الجاحظ: الكتاب نعم الذّخر و العقدة و نعم الجليس و القعدة، و نعم النشرة و النزهة، و نعم المشتغل و الحرفة، و نعم الأنيس ساعة الوحدة، و نعم المعرفة ببلاد الغربة، و نعم القرين و الدخيل، و نعم الوزير و النزيل.

الكتاب وعاء ملي‌ء علما و ظرف حشي ظرفا، إن شئت كان أعيا من باقل‌ [1] و إن شئت كان أبلغ من سحبان وائل‌ [2] و إن شئت ضحكت من نوادره و إن شئت بكيت من مواعظه، و من لك بواعظ مله و بناسك فاتك و ناطق أخرس، و من لك بطبيب أعرابيّ و روميّ و هنديّ و فارسيّ و يونانيّ و نديم مولّد و وصيف ممتّع، و من لك بشي‌ء يجمع الأوّل و الآخر و الناقص و الوافي و الشاهد و الغائب و الرّفيع و الوضيع و الغثّ و السمين و الشكل و خلافه و الجنس و ضدّه.

و بعد فما رأيت بستانا يحمل في ردن و روضة تنقل في حجر ينطق عن الموتى و يترجم عن الأحياء غيره، و من لك بمؤنس لا ينام إلاّ بنومك و لا ينطق إلاّ بما تهوى، آمن من في الأرض و أكتم للسرّ من صاحب السرّ و أحفظ للوديعة من أرباب الوديعة، و لا أعلم جارا أبّر و لا خليطا أنصف و لا رفيقا أطوع و لا معلما أخضع و لا صاحبا أظهر كفاية و لا عناية و لا أقلّ إملالا و إبراما و لا أبعد عن مراء و لا أترك لشغب و لا أزهد في جدال و لا أكفّ عن قتال من كتاب، و لا أعمّ بيانا و لا أحسن مؤاتاة و لا أعجل مكافاة و لا شجرة أطول عمرا و لا أطيب ثمرا و لا أعلم مجتنى و لا أسرع إدراكا و لا أوجد في كل إبان من كتاب، و لا أعلم نتاجا في حداثة سنّه و قرب ميلاده و رخص ثمنه و إمكان وجوده يجمع من التدابير العجيبة و العلوم الغريبة و من آثار العقول الصحيحة و محمود الأذهان اللطيفة و من الحكم الرفيعة و المذاهب القديمة و التجارب الحكيمة و الأخبار عن القرون الماضية و البلاد المتراخية و الأمثال السائرة و الأمم البائدة ما يجمع من كتاب.

و لو لا الحكم المخطوطة و الكتب المدوّنة لبطل أكثر العلم و لغلب سلطان النسيان سلطان الذكر و لما كان للناس مفزع إلى موضع استذكار، و لو لم يتمّ ذلك لحرمنا أكثر النفع، و من لك لا يبتدئك في حال شغلك و لا في أوقات عدم نشاطك و لا يحوجك إلى التجمّل و التذمّم، و من لك بزائر إن شئت جعلت زيارته غبّا و ورده خمسا و إن شئت لزمك لزوم ظلّك.


[1] أعيا: يقال عيّ بالأمر عيا و عيي و تعايا: عجز عن الأمر و لم يطق إحكامه (القاموس المحيط: عيا) ، باقل الإيادي جاهلي، يضرب بعيّه المثل، قيل اشترى ظبيا بأحد عشر درهما فمر بقوم، فسألوه بكم اشتريته، فمد لسانه و مد يده (يريد أحد عشر) فشرد الظبي و كان تحت إبطه.

[2] سحبان بن زفر الوائلي من باهلة خضيب يضرب به المثل في البيان يقال: أخطب من سحبان.

نام کتاب : المحاسن و المساوي نویسنده : البيهقي، ابراهيم    جلد : 1  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست