responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحاسن و المساوي نویسنده : البيهقي، ابراهيم    جلد : 1  صفحه : 60

فاستقبله الناس و أظهروا بره. و أقبل جبلة حتى دخل على عمر، رضي اللّه عنه، فقرب مجلسه و أدناه و وعده من نفسه خيرا، فأسلم و أقام بالمدينة حتى إذا حضر أوان الموسم حج عمر رحمه اللّه، و خرج معه جبلة، فبينا هو يطوف بالبيت محرما و عليه إزاران قد تردى بواحد و اتزر بالآخر إذ وطئ رجل طرف إزاره فانحل عنه حتى بدت عورته، فغضب و وثب على الرجل فلطمه، فتعلق به الرجل و جماعة معه و انطلقوا به إلى عمر، رضي اللّه عنه، و شهدوا عليه.

فقال عمر: أقد الرجل أو استوهبه منه.

فقال جبلة: و كذلك هذا الدين لا يفضل فيه شريف على وضيع و لا ملك على سوقة؟ قال عمر: قال اللّه تعالى، و قوله الحق: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللََّهِ أَتْقََاكُمْ [الحجرات: 13]، إن الناس شريفهم و وضيعهم في الحق سواء.

فانصرف جبلة، فلما جن عليه الليل خرج في حشمه و عياله حتى لحقوا بأرض الشام مرتدا عن الإسلام، فكتب عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح فأمره أن يستتيب جبلة فإن تاب و إلا ضرب عنقه، و بلغ ذلك جبلة فخرج من أرض الشام حتى دخل أرض الروم و أتى الملك فأخبره بأمره و رجوعه إلى النصرانية، فسر الملك بقدومه و استخلفه على ملكه و جعله جائز الأمر في سلطانه، فأقام عنده، فلما ولي معاوية بن أبي سفيان بعث رجلا من الأنصار يقال له تميم بن بشر إلى قيصر ملك الروم في بعض أموره، قال تميم: فلما دخلت على قيصر أبلغه الرسالة و جلست عنده فحدثني مليا.

ثم قال: هل لك في لقاء رجل من العرب من أهل بيت الملك؟فقلت: و من هو؟قال:

جبلة بن الأيهم.

قلت: إن لي في ذلك أملا و إني لرجل من قومه، فبعث معي رجلا حتى أدخلني عليه و هو في مجلس له يغشى العيون حسنه و كثرة تصاويره، مطلية حيطانه بماء الذهب و الفضة، يتلألأ تلألؤا، و حوله نفر من بطارقة الروم، فسألني من أنا، فانتسبت له، فقال: حياك اللّه فإننا بنو عم.

ثم أمر جلساءه فخرجوا من عنده و خلا بي يسألني عن العرب و أماكنها، فخبرته بجميع ما سألني عنه، فبكى حتى اخضلت لحيته الدموع ثم أنشأ يقول:

تنصرت بعد الدين من عار لطمة # و ما كان فيها لو صبرت لها ضرر

تكنّفني منها لجاج‌ [1] و نخوة # فبعت بها العين الصّحيحة بالعور

و يا ليت أمّي لم تلدني و ليتني # ثويت أسيرا في ربيعة أو مضر


[1] لجاج: التمادي في الأمر و عدم الانصراف عنه.

نام کتاب : المحاسن و المساوي نویسنده : البيهقي، ابراهيم    جلد : 1  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست