فهلا فداك الموت من أنت دونه # و من هو أسوا منك ذلاّ و أقبح
على أمّ بكر رحمة و تحيّة # لها منك و النّائي يودّ و ينصح
منعّمة لو يدرج الذّرّ بينها # و بين حواشي بردها كاد يجرح
و ما نظرت عيني إلى ذي بشاشة # من النّاس إلاّ أنت في العين أملح
ثمّ بكى حتى غشي عليه، فأفاق و هو يقول:
ما أعيف النّهديّ لا درّ درّه # و أزجره للطّير لا طار طائره
رأيت غرابا ساقطا فوق بانة # ينتف أعلى ريشه و يطايره
فقال غراب اغتراب من النّوى # و بانة بين من حبيب تعاشره
ثمّ لم يزل باكيا حتى أدركه الموت و لم ير ضاحكا بعدها، و قيل فيه من الشعر:
تنادى الطائران ببين سلمى # على غصنين من غرب و بان
فكان البان أن بانت سليمى # و في الغرب اغتراب غير داني
أخذه أبو الشيص فقال:
أشاقك و اللّيل ملقي الجران # غراب ينوح على غصن بان
أحصّ الجناح شديد الصّياح # يبكّي بعينين ما تدمعان
و في نعبات الغراب اغتراب # و في البان بين بعيد التّداني
و لآخر:
أقول يوم تلاقينا و قد سجعت # حمامتان على غصنين من بان
الآن أعلم أنّ الغصن لي غصص # و البان بين قريب عاجل داني
فقمت تخفضني أرض و ترفعني # حتّى وثبت و هذا السّير إزكاني
أقول و قد صاح ابن دأية غدوة # بوشك النّوى لا أخطأتك الشّوابك
أ في كلّ يوم رائي منك روعة # ببينونة الأحساب عرسك فارك
فلا بضت في خضراء ما عشت بيضة # و ضاقت برحباها عليك المسالك
محاسن الشعر في هذا الفن
لبعضهم:
و قالوا عقاب قلت من النّوى # دنت بعد شحط منهم و نزوح