responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد - تقريرات نویسنده : العلوي، السيد عادل    جلد : 1  صفحه : 54

و أمّا الاجتهاد المصطلح عند الفقهاء و علماء الأُصول‌

من الفريقين السنّة و الشيعة-: فقد ذكروا في ذلك تعاريف عديدة، و منشأ الاختلاف بينها باعتبار الأصالة و المفهوم و المحتوى، فالاجتهاد عند السنّة يعدّ أصلًا مستقلا تجاه الكتاب و السنّة، و هو عبارة عن القياس و ما يوجب الظنّ المطلق من الاستحسانات العقلية و سدّ الذرائع و ما شابه ممّا يوجب الحكم على طبق ما يرونه من المصالح و المفاسد الظنّية، و للَّه درّ من سدّ باب هذا الاجتهاد، فلو كان مفتوحاً لجاز دخول كلّ شي‌ء في الدين، و ما ورد عن الأئمة الأطهار (عليهم السّلام) من النهي عن الاجتهاد، فإنّ المقصود به مثل هذا الاجتهاد الذي لا يغني عن الحقّ شيئاً، بل لو قيس الدين لمحق‌ [1].


[1] اعلم أنّ الاجتهاد في مصطلح فقهاء الإسلام و علماء أُصول الفقه يطلق و يراد به أحد معنيين:

الأوّل: الاجتهاد بالمعنى الخاصّ: و هو المعنى المرادف للقياس أو نفس القياس و كذلك الاستحسان، يقول الشافعي: «فما القياس؟ أ هو الاجتهاد أم هما مفترقان؟ قلت: هما اسمان بمعنى واحد» (الرسالة للشافعي: 477)، و عند مصطفى عبد الرزّاق أنّ القياس و الاستنباط و الاستحسان معاني مرادفة للاجتهاد فقال: «فالرأي الذي نتحدّث عنه هو الاعتماد على الفكر في استنباط الأحكام الشرعيّة و هو مرادنا بالاجتهاد و القياس، و هو أيضاً مرادف للاستحسان و الاستنباط» (تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية: 138) و هذا الاجتهاد هو المقصود عند السنّة و قد أنكره أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) ض و فقهاء الشيعة غاية الإنكار، فقال الإمام الصادق (عليه السّلام) لأبي حنيفة القائل بالقياس: «اتّق اللَّه و لا تقس الدين برأيك» (حلية الأولياء 3: 196)، و كتب علماء الشيعة مصنّفات في ردّ هذا الاجتهاد كابن عبد الرحمن الزبيري و عليّ بن أحمد الكوفي و الشيخ المفيد و غيرهم.

الثاني: الاجتهاد بالمعنى العامّ: و هو عبارة عن بذل المجهود و استفراغ الوسع في فعل من الأفعال إلّا أنّه صار في عرف العلماء مخصوصاً ببذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة أو استنباط الحكم من الأدلّة التفصيليّة أو إرجاع الفروع إلى الأُصول. و لهذا الاجتهاد تعاريف عديدة و مآلها إلى استنباط الأحكام الشرعيّة من أدلّتها الخاصّة، و الشيعة الإمامية تقول بهذا الاجتهاد و بفتح بابه في عصر الغيبة الكبرى، قال المحقّق الحلّي المتوفّى سنة 676: «الاجتهاد في عرف الفقهاء بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية، و بهذا الاعتبار يكون استخراج الأحكام الشرعيّة من أدلّة الشرع اجتهاداً لأنّه يبتنى على اعتبارات نظرية ليست مستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر»، و قال المحقّق الحلّي بعد أن فصل بين الاجتهادين: «على هذا يلزم أن يكون الإماميّة من أهل الاجتهاد؟ قلنا: الأمر كذلك لكن فيه إبهام من حيث أنّ القياس من جملة الاجتهاد، فإذا استثني القياس كنّا من أهل الاجتهاد في تحصيل الأحكام بالطرق النظريّة التي ليس أحدها القياس» (معارج الأُصول: 117) فالشيعة رفضت الاجتهاد بالمعنى الأوّل و أقرّت و تبنّت المعنى الثاني.

و أبناء العامّة إنّما قالوا بالقياس و الاستحسان و المصالح المرسلة باسم الاجتهاد لنقص نصوصهم اللفظيّة عن الحوادث و الوقائع الجديدة، فلم يكن عندهم من النصّ النبوي مثلًا ما يغطّي وقائع الحياة المعاصرة، لأنّهم بعد وفاة الرسول الأعظم وقفوا على عدم استمرار الإمامة و الخلافة الحقّة، و لمثل هذا يقول عمر بن الخطّاب لأحد عمّاله: «فإن جاءك ما ليس في كتاب اللَّه و لم يكن فيه سنّة رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و لم يتكلّم فيه أحد قبلك فاختر أيّ الأمرين شئت، و إن شئت أن تجتهد برأيك تتقدّم فتقدّم، و إن شئت تتأخّر فتأخّر» (دائرة المعارف الإنصاف في بيان سبب الاختلاف) 3: 212).

و أمّا الإمامية الاثني عشرية فقد آمنوا باستمرار الرسالة المحمّدية و القيام بها حفظاً و تبليغاً من قبل خلفاء رسول اللَّه الأئمة الاثني عشر (عليهم السّلام) ض الذين نصّ عليهم في مواطن عديدة فقاموا بتغطية المستجدّات الزمانية و المكانية بالنصوص المودعة عندهم من قبل جدّهم رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، فكانت مدرسة أهل البيت غنيّة بالنصوص، و وضع الأئمة (عليهم السّلام) القواعد الفقهية و الأُصوليّة التي مهّدت للغيبة الكبرى و إعطاء دور عظيم للفقهاء العدول، و بهذه القواعد الأوّلية أرى المذهب الشيعي أُصوله المحمّدية، و لا فرع إلّا و له مدخل في أُصولنا و مخرج على مذهبنا كما قاله الشيخ الطوسي عليه الرحمة، و بهذا يبقى المذهب الشيعي يتماشى مع كلّ عصر و في كلّ مصر، فهو مذهب حيّ يعتقد بإمامة إمام حيّ المهدي من آل محمّد (عليهم السّلام) ض.

نام کتاب : القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد - تقريرات نویسنده : العلوي، السيد عادل    جلد : 1  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست