و في الاصطلاح: هو اقتران الأمارة بما تقوى به على معارضها. و هو المناسب للتعارض و التّعادل اللّذين يستعملان معه في هذا الباب، فإنّهما صفتان للأمارة لا فعلان للمجتهد، و كذلك التّرجيح.
نعم يستعمل التّرجيح بمعنى آخر، و هو تقديم المجتهد إحدى الأمارتين على الأخرى للعمل بها. و لمّا لم يكن ذلك إلّا في الأمارتين لعدم تصوّر التّعارض في غيرهما كما مرّ، فيحتاج الى مرجّح التّقديم حذرا عن التّحكّم، و ذلك المرجّح هو اقتران الأمارة بما تقوى به على معارضها.
فهذا الاقتران الذي هو سبب التّرجيح سمّي في اصطلاح القوم بالتّرجيح.
فما عرّفه بعضهم [1] بتقديم أمارة على أخرى في العمل بمؤدّاها قبالا للتعريف الذي ذكرنا، ليس في محلّه، إذ التّعريف الأوّل إنّما هو لنفس الأمارة الرّاجحة، و الثّاني لفعل المجتهد، مع أنّه يمكن أن يقال: مبدأ الاشتقاق فيهما أيضا مختلف كما أشرنا إليه في لفظ التّرجيح بلا مرجّح في مبحث أخبار الآحاد، فإنّ مبدأ الاشتقاق في فعل المجتهد هو الاختيار و التّقديم كلفظ التّرجيح في اللّفظ المذكور.
و في التّرجيح الذي هو صفة الأمارة، هو الرّجحان بمعنى الاشتمال على المزيّة و المصلحة، كلفظ المرجّح في اللّفظ المذكور، فلا معنى لترجيح التّعريف الثّاني