الشكّ الثّالث [الخلاف في معنى العدالة و في معنى الكبيرة و عددها]
و هو مشتمل على أمور:
أحدها: ثبوت الخلاف في معنى العدالة، و في معنى الكبيرة و عددها، فلا يمكن الاعتماد على تعديل المعدّلين و جرحهم إلّا بعد معرفة موافقة مذهبهم في العدالة و الجرح لمذهب المجتهد العامل على مقتضى جرحهم و تعديلهم، و سيّما مع كون تعديل بعضهم مبنيّا على تعديل من تقدّم عليهم مع جهالة الحال في الموافقة و المخالفة.
و قد ظهر الجواب عن ذلك فيما قدّمناه في مباحث شرائط العمل بخبر الواحد، و قبول الجرح و التّعديل، و نقول هنا أيضا مضافا الى ما مرّ: إنّه لا ريب في حصول الظنّ بالتزكية كيفما كان، و إذا كان البناء في الفقه على الظنّ، فهذا من جملة أماراته، فلم يثبت عدم الاحتياج الى علم الرّجال.
و ثانيها: أنّ بعض الأصوليين اعتبر في التزكية شهادة العدلين، و بعضهم اكتفى بالواحد، و لا يعلم مذهب المعدّلين في ذلك، مع أنّ تعديل أغلبهم مبنيّ على تعديل من تقدّمهم، و لا يعلم موافقتهم لهم أيضا.
و فيه: أنّ ذلك لا يضرّ من قال بالتّزكية من قبل الظّنون الاجتهادية، كما اخترناه، أو من باب الخبر. و لو سلّم كونه من باب الشّهادة، فيمكن الجواب عنه بمثل ما قدّمناه في مباحث الأخبار في أصل التّعديل، و ما ذكرناه هاهنا في الأمر الأوّل.
و ثالثها: أنّ كثيرا من الرّواة ممّن كان على خلاف المذهب، ثمّ رجع و حسن إيمانه، و الفقهاء يعدّون روايته من الصّحاح مع جهالتهم بالتّاريخ و زمان صدور الرّواية، و كذلك الإشكال في العكس.
و قد أشرنا الى ذلك أيضا في مباحث أخبار الآحاد و أجبنا عنه، و نقول هنا أيضا: إنّ من يحكم بالصحّة لعلّه علم بتاريخ الصّدور أو علم به من جهة القرائن،