كون الاعتقاد يقينيّا مطلوب بالذّات، و حصول اليقين مطلوب من جهة الثّبات و عدم الزّوال.
و فيه: أنّا نمنع وجوبه أوّلا، و عدم زوال اليقين بمعنى الاعتقاد الجازم المطابق للواقع الذي يسمّيه بعضهم بشبه اليقين ثانيا، فإنّه قد يزول بالشّبهة و قد يزول حكمه بسبب الإنكار عنادا، هذا حال القسم الأوّل.
و أما الثّاني، و الثّالث،- أعني ما يحصل له الظنّ أو يبقى متردّدا- فبعد التّفطّن و الشّعور يعرف حاله ممّا ذكرنا في القسم الأوّل من أنّ الحق فيه أيضا وجوب النّظر الى أن يحصل الاطمئنان، و مع عدم الإمكان فيكتفى بالظّنّ، و المتردّد متوقّف حتى يهديه اللّه الى الصّواب.
[اختلاف العلماء في جواز التّقليد في الاصول و عدمه]
إذا تمهّد هذا فنقول: اختلف العلماء في جواز التّقليد في الأصول و عدمه، فالمشهور المعروف من مذهب أصحابنا، و أكثر أهل العلم، العدم.
و ذهب جماعة منهم المحقّق الطوسي (رحمه اللّه) الى الجواز.
و ذهب طائفة الى حرمة النّظر.
و اعلم أنّ هاهنا مقامات:
الأوّل: أنّه هل يجب معرفة اللّه أم لا؟
و الثّاني: أنّ الوجوب- على فرض ثبوته- عقليّ أو شرعيّ.
و الثالث: أنّ الوجوب إذا ثبت بالعقل أو بالشّرع، فهل يكفي في المعرفة التّقليد أو يجب الاجتهاد؟
و هل يكفي الظنّ بها أو يجب القطع؟
و على اشتراط القطع، هل يكفي مطلق الجزم أو يلزم اليقين المصطلح أي الجزم الثّابت المطابق للواقع؟