و كذلك قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها[1]. و أمثالها من الآيات الدالّة على عدم المؤاخذة إلّا بعد البيان.
[أدلّته من السّنة]
و أمّا السنّة، فمثل ما رواه الصدوق (رحمه اللّه) في «الفقيه» [2] في باب جواز القنوت بالفارسيّة عن الصادق عليه الصلاة و السلام: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي».
و رواه الشيخ (رحمه اللّه) أيضا [3]، و في روايته: أمر أو نهي.
و دلالته ظاهرة، فإنّ المراد: كلّ شيء مطلق عنانه، مقيّد بزجر من الشّارع بحيث لا يمكن تناوله، فيجوز تعاطي فعله و تركه حتى يثبت منع و زجر بسبب قيد الشّارع و حبسه بنهيه عنه.
و المراد من النّهي في حديث الصّدوق أعمّ ممّا تضمّنه الواجب من النّهي عن الترك. و حمل الرّواية على استصحاب إطلاق الحكم الوارد من الشّرع حتّى يثبت التقييد، أو على ما لا يحتمل التحريم، فإنّه وفاقي أو على ما يعمّ به البلوى لحصول الظنّ فيه كما مرّ، أو نحو ذلك من المحامل البعيدة، تأويلات بعيدة لا داعي الى ارتكابها، لضعف معارضاته كما سيظهر إن شاء اللّه تعالى.
و ما رواه الصدوق في «التوحيد» [4] في الصحيح عن حريز عن الصادق عليه الصلاة و السلام قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) و سلم: «رفع عن أمّتي تسعة: الخطأ، و النسيان، و ما استكرهوا عليه، و ما لا يطيقون، و ما لا يعلمون، و ما اضطروا إليه،