و بما ذكرنا ظهر اندفاع ما ربّما يورد هنا من الإشكال من لزوم تسبيع الأحكام لزيادة الإباحة الظّاهرية و الحظر الظّاهريّ على الأحكام الخمسة، إذ أدلّة القائلين بها لا تفيد إلّا الإباحة و الحظر ما لم يظهر مفسدة أو رخصة، فإنّه لا يمكن نفي الاحتمال العقليّ رأسا، سيّما مع ملاحظة ما ورد في الشّرع من تحريم بعض المنافع الخالي عن المضرّة، مثل الغناء، و شرب الفقّاع الغير المسكر، و نحوهما.
فربّما يكون في الشّيء مفسدة ذاتيّة لا يدرك العقل [1]، ثمّ يكشف عنه الشّرع، إذ ذلك إشكال سار في جميع الأحكام و لا اختصاص له فيما نحن فيه، بل بجميع المطالب المستدلّ عليها، و المبيح و الحاظر لا يريدان إثبات الإباحة و الحظر الظّاهريّتين، بل يثبتان الإباحة و الحظر النّفس الأمريّتين كما هو مقتضى دليلهما.
نعم، قد يتّضح هذا الإشكال [2] إذا استدلّ على هذا المطلب بمثل قولهم (عليهم السلام):
و يمكن أن يقال فيه أيضا: إنّه مباح لمن لم يطّلع على النهي في نفس الأمر [4]، و حرام على من اطّلع عليه في نفس الأمر، لا أنّه لغير المطّلع مباح ظاهرا و حرام
- محمد تقي الهروي: يعني أنّ جميع ما ذكر من الإشكال و الأجوبة المذكورة عنه ناشئ عن الغفلة التي صدرت عن الفاضل الجواد (رحمه اللّه)، و قد عرفت انّه لا غفلة هنا لا منه و لا من غيره.