الحقّ جواز النّسخ، و وقوعه في الشّرع، و المخالف في الأوّل بعض فرق اليهود، و في الثاني أبو مسلم بن بحر الأصفهاني [1]، سيّما في القرآن، لقوله تعالى: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ[2].
لنا على الجواز: عدم الدليل على استحالته، و ستسمع بطلان ما تمسّك به اليهود. و على وقوعه آية العدّة، فإنّ قوله: وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ [3] الدالّة على وجوب الإنفاق عليها في حول، و هو عدّتها ما لم تخرج، فإن خرجت فتنقضي عدّتها و لا شيء لها، نسخت بآية أربعة أشهر و عشرا.
و تخلّص عنها الأصفهاني: بأنّ حكمها باقية في الجملة، فإنّ الحامل إذا كان مدّة حملها عاما فتعتدّ بالحول.
و هو مدفوع: بأنّ الاعتداد حينئذ ليس بالحول من حيث هو، بل بالوضع، و آية القبلة نسخت الصلاة الى بيت المقدس.
و أجاب عنه: بأنّ حكمها باق لبقاء الاستقبال إليه عند الاشتباه.
و هو مدفوع أيضا: بأنّه ليس من حيث الخصوصيّة كما لا يخفى.
[1] محمد بن بحر الأصفهاني 254- 322 ه معتزلي، ولي اصفهان و بلاد فارس للمقتدر العباسي و استمر حتى دخل ابن بويه أصفهان سنة 321 ه، فعزل. و من كتبه في التفسير «جامع التّأويل» في أربعة عشر مجلّدا، و «مجموع رسائله».