هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ[1]. الآية، فإنّه تدلّ على أنّ علّة التحريم عصيانهم، لا وصف ثابت في المذكورات.
و الإنصاف أنّ منع حصول الظنّ بكثير من الطرق التي ذكروها مكابرة، فالأولى الاعتماد على الجواب الأوّل.
و أمّا الآيتان فلا ينافيان جواز القياس، و إلّا فكان القياس منافيا للقول بالنسخ، و لم يقل به أحد.
و أيضا، سنبيّن أنّ علّة الحكم قد تكون غائيّة، و قد تكون فاعليّة، و قد تكون مادّيّة. فالقياس حينئذ يرجع الى ملاحظة العلّة الباعثة على التحريم، و هو العصيان، لا بالنسبة الى حسن أو قبح في نفس الفعل. فيمكن أن يقاس غير اليهود من الظالمين عليهم في حرمة الطيّبات، لاشتراكهم في الظّلم و العصيان.
احتجّوا بقوله تعالى: فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ[2] فإنّ العبور لغة المجاوزة، و القياس عبور عن حكم الأصل الى الفرع، و في هذا الاستدلال من البعد و التمحّل ما لا يخفى على ذي بصيرة، بل الظّاهر من الاعتبار الاتّعاظ، و إن كان فيه أيضا مجاوزة و عبور من حال الغير الى حال نفسه.
سلّمنا، لكنّ سياق الآية يقتضي ذلك، قال تعالى: يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَ أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ [3]، فإذا اريد منه حينئذ جاوزوا من