و بذلك [1] يتفاوت الحال، إذ قد تختلف [2] أفراد الكلّيّ في قابليّة الامتداد و مقداره، فالاستصحاب حينئذ ينصرف الى أقلّها استعدادا للامتداد.
و هاهنا لطيفة يعجبني أن أذكرها من باب التّفريع على هذا الأصل ممّا ألهمني اللّه تعالى به ببركة دين الإسلام و الصّادعين به عليهم الصلاة و السلام. و هو أنّ بعض السّادة [3] الفضلاء الأزكياء من أصحابنا [4]، ذاكرني حكاية ما جرى بينه و بين أحد من أهل الكتاب من اليهود و النصارى من أنّه تمسّك بأنّ المسلمين قائلون بنبوّة نبيّنا (عليه السلام) فنحن و هم متّفقون على حقيّته و نبوّته في أوّل الأمر، فعلى المسلمين أن يثبتوا بطلان دينه.
ثمّ ذكر أنّه أجابه بما هو المشهور: من أنّا لا نمنع نبوّة نبيّ لا يقول بنبوّة محمّد (صلى الله عليه و آله) و سلم، فموسى أو عيسى (عليهما السلام) الذي يقول بنبوّته اليهود أو النصارى، نحن لا نعتقده، بل نعتقد بموسى أو عيسى (عليهما السلام) الذي أخبر عن نبوّة محمّد (صلى الله عليه و آله) و سلم و صدّقه [5]، و هذا مضمون ما ذكره الرضا عليه الصلاة و السلام في جواب الجاثليق [6]، فإنّه قال له (عليه السلام): ما تقول في نبوّة عيسى و كتابه، هل تنكر منهما شيئا؟ قال الرضا (صلوات اللّه و سلامه عليه): «أنا مقرّ بنبوّة عيسى و كتابه و [ما]
[4] و هو السيد حسين القزويني كما نقل في بعض الحواشي.
[5] بأن نقول بنبوّة موسى الذي أقرّ بنبوّة محمد (صلى الله عليه و آله) و سلم، و نبوّة عيسى الذي بشّر بنبوّة محمد (صلى الله عليه و آله) و سلم و لا نقول بنبوّة كل موسى، و كل عيسى لم يقرّا بنبوّة النبي الخاتم (صلى الله عليه و آله) و سلم.
[6] و هو بفتح الثاء المثلّثة: رئيس النصارى في بلاد الاسلام، و لغتهم السّريانية، و جمعه جثالقة و هو عند بعض الطوائف المسيحية الشرقية مقدّم الأساقفة.