هذا، و لكنّ التّمييز [1] بين الموارد و معرفة ما يجري فيه هذا الاستصحاب، أعني لزوم العمل على استمرار الاشتغال حتّى يحصل اليقين بالبراءة، و أنّ المكلّف به في المردّد بين أمور، هل هو أحدها المعيّن عند اللّه المبهم عندنا أو المكلّف به أن لا يترك جميع المحتملات، فيكفي الإتيان بالبعض، أمر مبهم مشكل.
و الحقّ، أنّ إثبات الأوّل في غاية الصّعوبة و نهاية النّدرة إن لم نقل بأنّه غير متحقّق. و كذلك الكلام في الأمر المستمرّ الى غاية معيّنة عند اللّه تعالى، مبهمة عندنا.
و قد ذكرنا بعض الأمثلة في المبحث السّابق [2]، و نقول هنا أيضا: لو استدلّ القائل بوجوب ثلاثة أحجار في الاستنجاء بأنّ حكم النجاسة مستمرّ الى حصول المطهّر الشرعيّ بالإجماع، و لم يتحقّق المطهّر إلّا بالثلاثة، فيقال له: لا.
ثمّ الإجماع على أنّ النجاسة ثابتة الى أن يحصل المطهّر الشرعيّ، بل إنّما نسلّمه على أنّ الصلاة لا تصحّ بعد التغوّط إلّا مع حصول أحد من أشياء ثلاثة: إمّا الغسل بالماء، أو التمسّح بثلاثة أجسام طاهرة، أو التمسّح بطاهر.
فلو قال: الإجماع ثبت على وجوب شيء و هو أحدها المعيّن عند اللّه تعالى المبهم عندنا.
فيقال: الإجماع على ذلك ممنوع، بل إنّما يسلّم الإجماع على أنّ ترك مجموع
[1] و هذا الكلام هو أيضا في ردّه على المحقق الخوانساري.