وجه الدلالة أنّه تعالى أوجب الحذر عند إنذار الطوائف للأقوام، و هو يتحقّق بإنذار كلّ طائفة من الطوائف لقومهم، و لمّا لم يدلّ لفظ الفرقة على كونهم عدد التواتر، فلفظ الطائفة أولى بعدم الدّلالة، بل الظاهر أنّ الفرقة يطلق على الثّلاثة فيصدق الطائفة على الاثنين، بل الواحد أيضا.
و لا يضرّ ضمير الجمع في قوله تعالى: لِيَتَفَقَّهُوا في شموله للواحد أيضا، لأنّه عبارة عن الطوائف، و لا يلزم من ذلك لزوم اعتبار الإنذار من جميع الطوائف، لصدق حصوله بإنذار كلّ واحد منهم، كلّ واحد من الأقوام، ثمّ يصدق حصوله بملاحظة كلّ واحد منهم بالنسبة إلى قومهم. و كيف كان، فالمقصود بيان حجّية خبر الواحد [في الجملة]، لا حجّية مجرّد خبر رجل واحد، مع أنّه لا قائل بالفرق في جانب المنع.
و أمّا دلالة الآية على وجوب الحذر، فلأنّ التهديد المستفاد من كلمة (لو لا) [3] يدلّ على وجوب النفر، و تعليل النفر بالتفقّه يدلّ على وجوبه، و كذا تعليله بالإنذار، و من المستبعد جدّا وجوب الإنذار و عدم وجوب إطاعة المستمع، بل المتبادر وجوب الإطاعة للمنذرين.
[1] الوجه الثاني من الوجوه التي استدلّ بها. و هو أيضا استدل به صاحب «المعالم» ص 343 و لكن جعله الوجه الأوّل.