و هو قد يكون بيّنا بنفسه مثل قوله تعالى: وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.[1] فإنّ إفادته لشمول علمه تعالى لجميع الأشياء بنفس اللّغة لا بشيء خارج.
و في هذا المثال تأمّل، إذ العامّ ظاهر في الشّمول و ليس بنصّ. نعم مع انضمام الخارج إليه يصير نصّا، لكنّه ليس مقتضى اللّغة، و قد مرّ في الفرق بين النصّ و الظّاهر في محلّه [2] ما ينفعك هنا.
و قد يكون مع تقدّم إجمال كقوله تعالى: أَقِيمُوا الصَّلاةَ[3] بعد حصول البيان بفعله [4] عليه الصلاة و السلام، و العامّ المخصّص و غيرهما [5].
و تسمية القسم الأوّل بالمبيّن إمّا مسامحة، و إمّا لأنّه من باب ضيّق فم الركيّة [6]، فإنّ أهل اللّغة وضعوه مبيّنا.
[1] البقرة: 282 و هو مثال «المعالم» ص 319، و مثله في «المحصول» 2/ 634.
[6] هذا الخطاب الى البنّاء و الحفّار، و الرّكيّة البئر، و ليس معناه وسّع ثم ضيّق بتوهم اقتضاء التضييق سبق التوسعة لمنع الاقتضاء، بل معناه ابن فم الركيّة من أوّل بنائه أو احفره من ابتداء حفر البئر على الضيّق. و هكذا يقال في القسم الأوّل من المبيّن. فإنّ المراد به بناء اللفظ من أوّل الأمر باعتبار الوضع و الاستعمال على البيان، فكون الشيء مبيّنا بمعنى ما وقع عليه البيان مبيّنا كما في القسم الثاني. و أما ما كان مبيّنا بنفسه من-