نام کتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن نویسنده : الحكيم، السيد محمد تقي جلد : 1 صفحه : 170
و تقول بكونه لا حرج فيه؟
و الذي يبدو أنّ الآية وسّعت في مفهوم الحرج بالشكل الذي يتعدّى و يتّسع لمثل الجهاد من التكاليف الشاقّة، و قالت عنه: إنّه ليس حرجيا، و كأنّ الآية تريد أن توضّح للناس بأنّ التكاليف التي كلّفتم بها، و أنّ ما جاءت به الشريعة من أحكام، جميعها أحكام غير حرجية، و لا تكلّفكم عسرا و ضيقا.
و هذا يعني خلاف ما يراد من القاعدة من نفي الأحكام الحرجية إذ لا حرج حتّى ينفى، أو قل: لا حكم حرجي؛ إذ كلّ حرج يتصوّر في أيّ من التكاليف لا يساوي و لا يعدل التكليف بالجهاد، و مع ذلك قالت عنه: إنّه ليس بحرجي.
القول الثاني: إنّ المراد من الجهاد ما جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي من أنّ: «أكثر المفسّرين حملوا الجهاد هاهنا على جميع أعمال الطاعة... و قال السدي:
هو أن يطاع فلا يعصى» . [1] و نظيره ما جاء عن «الكشاف» للزمخشري. [2]
و ربّما كان هو الأقرب بقرينة تعقيبه بجملة هُوَ اِجْتَبََاكُمْ أي: اختاركم و اصطفاكم، و معنى الاختيار و الاجتباء هنا يناسب أن يكون المطلوب و المبعوث إليه جميع الطاعات، و تكون الآية موضحة: أنّ الأحكام التي فرضت عليكم لا يراد بها إعناتكم و التشديد عليكم، بل لصالحكم و لأنفسكم، فإذا لزم من تكليف شرعي حرج عليكم فاعلموا بأنّه ليس ممّا جعل عليكم.
و بهذا التقريب تعتبر الآية من أقوى أدلّة الحجّية؛ لكونها واردة في لسان القاعدة، و ليس في ملابساتها ما يوجب التوقّف عن الأخذ بها.