و إن كان رواية مسعدة بن صدقة [2]: «كلّ شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه، فتدعه من قبل نفسك. و ذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته و هو سرقة، و المملوك عندك و لعله حر قد باع نفسه، أو خدع فبيع قهرا، أو امرأة تحتك و هي أختك أو رضيعتك. الأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة» [3]. فالبينة فيها إنما جعلت غاية للحل الذي هو المراد من اسم الإشارة، و كونها حجة على الحرمة لا يقتضي حجيتها على الموضوع، فضلا عن عموم الحجية لما لم يكن موردا للحل و الحرمة من موضوعات سائر الأحكام.
اللّهم إلّا أن يقال: المراد من قيام البينة بالحرمة أعم من كونها مدلولا مطابقيا و تضمنيا و التزاميا، فإذا شهدت بكون الثوب سرقة فقد قامت بحرمته، و كذا إذا شهدت بكون المرأة رضيعة فقد قامت بحرمتها. فليس المراد من قيام
[1] لا شبهة في بناء العقلاء و سيرة المسلمين على العمل بخبر الثقة فبطريق أولى يثبت بناؤهم على حجية البينة. و كون النسبة بين العادل و الثقة عموما من وجه غير واضح. و الظاهر أن هذا عمدة الوجوه لحجية عموم البينة، و يؤكّده كلام الجواهر و دعوى الإجماع عليه.
[2] قد ذكرنا ما عندنا حول الرواية سندا و دلالة في البحث الثالث من كتابنا بحوث في علم الرجال مفصلا فلا ملزم للبحث عنها هاهنا.