ثمَّ قلت له : إنَّني غالباً ما أسأل الأشخاص الذين لديهم أسئلة ، يُريدون طرحها عليَّ ، غالباً ما أسألهم عن طبيعة أعمالهم ومِهنهم التي يعملون فيها ؛ وذلك لكي أذكر لهم بعض الأمثلة مِن نفس المجال ، الذي يعملون فيه ، الأمر الذي يُساعدهم على فهم الأجوبة التي أُعطيها لهم ، فهل توافق على أنْ أسألك عن طبيعة عملك ؟
قال : إنِّي أعمل طبيباً جرَّاحاً .
فكَّرت للحظة ، وقلت في نفسي : إنَّ المِهنة التي يُزاولها هذا الشخص ، يُمكن أنْ تُعينني على توضيح هذا الحديث ، وبالتالي إفهامه فقلت : يا دكتور ، إنَّ الشخص المحكوم عليه بالإعدام مِن قِبَل المحكمة ، إذا أُصيب بمرض قبل تنفيذ حُكم الإعدام ، تتمُّ مُعالجته ثمَّ يُنفَّذ فيه حُكم الإعدام ، وهو بصحَّة جَيِّدة . والآن نفترض أنَّك رئيس قسم الجراحة في المَشفى ، والشخص المحكوم مِن المُقرَّر أنْ يُعدم في الساعة الرابعة فجراً ، ولكنَّه في الساعة العاشرة مساءً استلزم نقله إلى المَشفى ، بعارضٍ مرضيٍّ شديد ، فذهبت إلى المَشفى ، ونُقل المريض إلى غرفة العمليَّات ، فهل تُجري له العمليَّة الجراحيَّة بشكل دقيق ، ووفقاً للأصول العلميَّة والطبيَّة المُتعارفة أم لا ؟
أجاب الجراح : نعم بالتأكيد .
قلت : ولماذا تُجري له العمليَّة بدِقَّة وعناية ، أليس هذا الشخص يجب أنْ يُعدم بعد عِدَّة ساعات ؟
أجاب : إنَّ الإعدام لا عَلاقة له بعملي ، فالعمليَّة الجراحيَّة يجب أنْ تتمَّ بصورة صحيحة ودقيقة ، سواء أُعْدِم الشخص بعد ذلك أم لاَ .
قلت له : إنَّ هذا هو ما يُريد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)أنْ يقوله ؛ فهو يُريد القول : بأنَّ خراب وانهيار القبر لا عَلاقة له بعملي ؛ لأنَّ الله يُحبُّ عبداً إذا عَمِل عملاً أنْ يُتقنه ، ومِثل هذا الشخص الذي يُحبُّه الله لا يتخلَّى عن التدريب على إتقان العمل ، تحت أيِّ ظرفٍ مِن الظروف .