أُخبِر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في يوم مِن الأيَّام ، بأن سعد بن معاذ قد توفِّي ؛ فنهض الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)مِن مكانه على الفور ، ولحق به الصحابة الذين كانوا معه ، فأمر بتغسيل سعد وتكفينه ، وسار خلف جنازته ، وهو يحمل الطرف الأيسر مِن النعش تارة ، والطرف الأيمن تارة أُخرى ، حتَّى وضعوا الجنازة إلى جانب القبر ، فنزل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)بنفسه إلى داخل القبر ، وأخذ جسد سعد ووضعه في اللحد ، وأخذ يُغطِّي اللحد بالحَجر والطين ، ويَسدُّ المنافذ الموجودة فيه .
لعلَّ البعض مِن الذين شاهدوا ما قام به رسول الله ، تساءلوا مع أنفسهم :
ما الفائدة مِن سَدِّ منافذ القبر بالأحجار والطين ، طالما أنَّ اللِّحد سوف ينهار ويتلاشى تلقائيَّاً ، عندما يُغطَّى بالأحجار والتراب ؛ وذلك بسبب ثقل هذه الطبقة مِن الأحجار والتراب ؟
بعد أنْ انتهى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)مِن وضع التراب على القبر ، قال للحاضرين ما معناه : إنِّي أعلم بأنَّ القبر سينهار ويتلاشى ، ولكنَّ الله يُحبُّ عبداً إذا عمل عملاً أتقنه .
في أحد الأيَّام كنت أتحدَّث على المنبر ، فقرأت هذا الحديث الشريف ، وكان المجلس يعجُّ بالحاضرين ، فجلست قليلاً حتَّى يفتح الطريق ويخفُّ الازدحام ، وفي هذه الأثناء جاءني أحد الأشخاص ، مِن الذين حضروا المجلس ، وسلَّم عليّ وقال لي : إنِّي لم أفهم حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بشكل جَيِّد ، وأرجو أنْ توضِّح لي هذا الحديث .