و قد يكون لا لاجل ذلك فيكون من المدارك التى لا يشترط فى اعتبارها افادة الاعتقاد القطعى او الظنى بالفعل كالخبر الصحيح و شهادة العدلين و اليد و الاستصحاب و نحو ذلك، فيكون مناط الحكم اعتقاد دلالتها على الشيء لا اعتقاد تحقق ذلك الشيء فى الواقع قطعا او ظنا، فان كان مدرك الحكم من الاول فالظاهر عدم جواز البناء على الاعتقاد السابق سواء بقى المدرك حاضرا فى الذهن ام غاب عنه.
و احتمل كاشف الغطاء البناء على الاعتقاد السابق فى صورة غيبة المدرك عن الذهن و تردده بين كونه مما لو حضر افاده الاعتقاد و بين عدم كونه كذلك، و جزم به بعض من تأخر عنه.
و لم اجد له وجها لان المفروض ان المعتبر هو القطع او الظن المستفاد من ذلك المدرك و قد زال، و لا ينفع اصالة حمل الاعتقاد السابق على نشوء من مدرك صحيح، لان صحة المدرك ليس إلّا افادته للاعتقاد المعتبر و المفروض عدم ذلك الاعتقاد و مجرد حمله على صحيح لا يوجب افادته للاعتقاد مع ان المدرك المفروض لا يتصف بالصحة و الفساد بل المقيد للاعتقاد هو المدرك و غيره ليس بمدرك.
نعم لو كان المدرك مما دل الدليل على اعتباره بشرط افادة الاعتقاد، ثم شك بعد غيبته فى كونه من هذا القبيل او مما لا يفيد اعتقادا و انما افاده سباقا لغفلة و عدم تفطن لا يمنع من الاعتقاد، و جاز البناء عليه بناء، على جريان اصالة الصحة فى مثل ذلك.
لكن هذا غير موجود فى الادلة القطعية التى هى مورد احتمال كاشف