اذا عرفت هذا فنقول ان الاحكام فى التخطئة و التصويب يقع فى مقامين:
الاوّل- فى ان الحكم الواقعى الاولى واحد يصيبه مجتهد و يخطئه آخرون او انه متعددة بتعدد اجتهاد المجتهدين.
و قد يقال ان تعدد الحكم الواقعى الاولى بتعدد الظنون غير متصور، لان تعلق ظن المجتهد بشيء فرع فرض تحقق شيء فى الخارج مع قطع النظر عن الظن فالظن بالشيء كالعلم به متأخر عن الشيء يتوقف على ثبوته.
فاذا فرض ان الحكم انما يحدث بعد تعلق الظن او العلم لزم الدور، و الى هذا نظر العلامة فى «مسئلة الجاهل بالحكم» ان الحكم لا يتوقف على العلم لان العلم يتوقف على الحكم فلو توقف الحكم عليه لزم الدور فعلى هذا يجب ان يكون فى الواقع شيء واحد تعلق به الظنون يصيبه احدها و يخطأ الباقى.
و يمكن دفعه بان الظنون انما يتعلق بحكم واحد و هو حكم العالم به، فبعد حصول الظن به يحدث فى الفعل مصلحة على طبق المظنون فينشئ الشارع على طبق تلك المصلحة حكما، هذا على القول بتبعية الاحكام للمصالح و إلّا فلا يحتاج الى دعوى ترتب المصلحة.
فان قلت: حكم العالم يصير حكما له بعد العلم فلا متعلق لعلمه او يصير حكما له قبل ذلك فقد يثبت الحكم قبل العلم.