اذ لا ريب فى استحباب تركه اذ كما ان العقل و النقل تطابقا على طلب ترك الغصب، فكذلك تطابقا على طلب ترك المظنون الغصبية و ان كان الطلب فى الاول الزاميا، و فى الثانى تنزيهيا و كذا الكون فى مواضع التهمة.
و ثالثا- ان قلّة الثواب بنفسها ليس مدلولا للنهى قطعا، فلا بد من حمل النهى على الارشاد، فيكون قلّة الثواب علة للنهى، و هذا يوجب ان يكون كل قليل الثواب منهيا عنه بالنهى الارشادى ليتركه الانسان الى غيره، سواء كان من جنسه أم من غير جنسه، لان هذا المعنى موجود فيه فان العقل حاكم فى قليل الثواب على وجه الارشاد بالعدول الى ما هو افضل منه، و كذلك الشرع، و لذا لو استرشدناه لارشدنا بمثل هذا الخطاب الوارد فيما نهى عنه ابتداء.
و مما ذكرنا يعرف الجواب عمّا يقال فى توجيه ارادة قلة الثواب و دفع ما اورد على هذا الجواب من لزوم كون كل مفضول من الافراد مكروها بالنسبة الى الفاضل، انه ليس المراد اقلية ثوابها بالنظر الى غيرها، بل المراد كونها اقل ثوابا بالنظر الى ما اعد من الثواب لتلك العبادة فى حد ذاتها، فقد يجيء هنا ما يوجب مزيد ثوابها على ذلك، كما فى الصلاة فى المسجد و الجماعة، و قد يجيء هنا ما ينقض عنه كالصلاة فى الحمام، فالغرض اخلاء الفعل عن تلك المنقصة بان: يترك الفعل المشتمل عليها و يأتى بالخالى عنها و توضيح دفع هذا و غيره- مما ذكرنا- من ان المرجوحية من جهة لا ينافى رجحانه فى حد ذاته فحيث لا يوازى مرجوحية المكروه رجحان الواجب فغاية الامران يحصل هنا نقص فى الثواب الواجب.