وَ مََا أُمِرُوا إِلاََّ لِيَعْبُدُوا اَللََّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ حُنَفََاءَ وَ يُقِيمُوا اَلصَّلاََةَ وَ يُؤْتُوا اَلزَّكََاةَ وَ ذََلِكَ دِينُ اَلْقَيِّمَةِ[1] ، و في الجميع قدمت الصلاة على الزكاة إلاّ في آية واحدة قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكََّى*`وَ ذَكَرَ اِسْمَ رَبِّهِ فَصَلََّى[2] ؛ لنكتة معلومة، و لكن في الحديث ما يشير إلى أنه تعالى ربط الزكاة بالصلاة؛ للدلالة على أنّ من لا زكاة له لا صلاة له، يعني أن من وجبت عليه زكاة في أمواله و لم يدفعها لمستحقيها لم تقبل صلاته، و إن أتى بها على أصح وجوهها.
و من سعة رحمته و عنايته بخلقه جعلها في أهم الأشياء و أعمها، و ألزمها في حياة البشر و مقومات العيش، و هي الأجناس التسعة: النقدان، و الغلات الأربع، و الأنعام الثلاثة، و هو عزّ شأنه و إن فرض فيها النزر اليسير، و هو العشر و نصفه أو ربعه، و لكن الحاصل من مجموعه الشيء الكثير.
و ليست فوائد هذا التشريع و هذه الاشتراكية العادلة الحرة مقصورة على الناحية المادية فقط، بل فيها من الفوائد الاجتماعية و التأليف بين الطبقات، و تعاطف الناس بعضهم على بعض، و قطع دابر الفساد و الشغب فيما بينهم ما هو أوسع و أنفع، و أجل و أجمع، فإنّ فيه غرس بذور المحبة بين الغني و الفقير، فالغني يدفع و ينفع الفقير باليسير من ماله عن طيب خاطره؛ أداء لواجبه؛ و رغبة بطلبه المثوبة من ربه، و الفقير يأخذ من غير مهانة و لا ذلة؛ لأنه أخذ الحق الواجب له من مالكه و خالقه.
ثمّ أردف الزكاة بالخمس؛ توفيرا لحق الفقراء، و تكريما للعترة الطاهرة عن تلك الفضول التي هي صدقات، و نوع من الاستجداء، ثمّ رعاية شبه الجزاء