و لعمري ما أتي من تاه و
تحير و افتتن و انتقل عن الحق و تعلق بمذاهب أهل الزخرف و الباطل إلا من قلة
الرواية و العلم و عدم الدراية و الفهم فإنهم الأشقياء لم يهتموا لطلب العلم و لم
يتعبوا أنفسهم في اقتنائه و روايته من معادنه الصافية على أنهم لو رووا ثم لم
يدروا لكانوا بمنزلة من لم يرو-
. و أكثر من دخل في هذه
المذاهب إنما دخله على أحوال فمنهم من دخله بغير روية و لا علم فلما اعترضه يسير
الشبهة تاه.
و منهم من أراده طلبا
للدنيا و حطامها[1] فلما أماله
الغواة و الدنياويون إليها مال مؤثرا لها على الدين مغترا مع ذلك بزخرف القول
غرورا من الشياطين الذين وصفهم الله عز و جل في كتابه فقال- شَياطِينَ الْإِنْسِ
وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً[2] و المغتر به
فهو كصاحب السراب[3] الذي يَحْسَبُهُ
الظَّمْآنُ ماءً يلمعه عند ظمائه لمعة ماء فإذا جاء لَمْ يَجِدْهُ
شَيْئاً كما قال الله عز و جل[4].
و منهم من تحلى بهذا
الأمر للرياء و التحسن بظاهره و طلبا للرئاسة و شهوة لها و شغفا بها[5] من غير
اعتقاد للحق و لا إخلاص فيه فسلب الله جماله و غير