إلى الخيرات و اجتناب الفواحش و المنكرات و التنزه عن سائر
المحظورات و مراقبة الله تقدس ذكره في الملإ و الخلوات و تشغل القلوب و إتعاب
الأنفس و الأبدان في حيازة القربات قد تفرقت كلمها[1] و تشعبت مذاهبها و استهانت بفرائض
الله عز و جل و حنت[2] إلى محارم
الله تعالى فطار بعضها علوا و انخفض بعضها تقصيرا و شكوا جميعا إلا القليل في إمام
زمانهم و ولي أمرهم و حجة ربهم التي اختارها بعلمه كما قال جل و عز- وَ رَبُّكَ
يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ[3] من أمرهم
للمحنة الواقعة بهذه الغيبة التي سبق من رسول الله ص ذكرها و تقدم من أمير
المؤمنين ع خبرها و نطق في المأثور من خطبه و المروي عنه من كلامه و حديثه
بالتحذير من فتنتها و حمل أهل العلم و الرواية عن الأئمة من ولده ع واحدا بعد واحد
أخبارها حتى ما منهم أحد إلا و قد قدم القول فيها و حقق كونها و وصف امتحان الله
تبارك و تعالى اسمه خلقه بها بما أوجبته قبائح الأفعال و مساوي الأعمال و الشح
المطاع و العاجل الفاني المؤثر على الدائم الباقي و الشهوات المتبعة و الحقوق
المضيعة التي اكتسبت سخط الله عز و تقدس فلم يزل الشك و الارتياب قادحين في
قلوبهم
حتى أداهم ذلك إلى التيه
و الحيرة و العمى و الضلالة و لم يبق منهم إلا القليل النزر الذين ثبتوا على دين
الله و تمسكوا بحبل الله و لم يحيدوا عن صراط الله المستقيم و تحقق فيهم وصف
الفرقة الثابتة على الحق التي لا تزعزعها الرياح و لا يضرها الفتن و لا يغرها لمع
السراب و لم تدخل في دين الله بالرجال فتخرج منه بهم.
[1].« قد تفرقت» الجملة مفعول ثان لرأينا و ما
بينهما جملة معترضة.
[2]. كذا صححناه، و في النسخ« و خفت» و المعنى
استخفت محارم اللّه تعالى.