responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 6  صفحه : 88

ذراعى، فوجدتها باردة، فبلغت به منزله، ثم رجعت إلى أبى، فقلت له: اعلم أنى أحسب المطلب سيموت، فقال: و ما ذاك؟ فقلت له: توكأ على يدى، و ذكر ابنه و الحرمة التى كانت بينى و بينه فبكى، فقطرت قطرة من دمعه على ذراعى فوجدتها باردة. و لما صار المطلب إلى مضربه قال: هاهنا كان مضجع الحارث العام الأول، و جعل يردد ذلك حتى مات من ساعته.

و من أخبار الحكم بن المطلب هذا فى الجود، ما ذكره الزبير بن بكار، لأنه قال:

فأخبرنى عمى مصعب بن عبد اللّه، عن مصعب بن عثمان، عن نوفل بن عمارة، قال:

إن رجلا من قريش، ثم من بنى أمية بن عبد شمس، له قدر و خطر، لم يسمّ لى، لحقه دين، و كان له مال من نخل و زرع، فخاف أن يباع عليه، فشخص من المدينة يريد الكوفة، يعمد خالد بن عبد اللّه القسرى، و كان واليا لهشام بن عبد الملك على العراق، و كان يبرّ من قدم عليه من قريش، فخرج الرجل يريده، و أعدّ له هدايا من طرف المدينة، حتى قدم فيدا [1] فأصبح بها، و نظر إلى فسطاط عنده جماعة، فسأل عنه، فقيل:

للحكم بن المطلب، فلبس نعليه، ثم خرج حتى دخل عليه، فلما رآه، قام إليه، فتلقاه فسلّم عليه، ثم أجلسه فى صدر فراشه، ثم سأله عن مخرجه، فأخبره بدينه، و ما أراد من إتيان خالد بن عبد اللّه القسرى، فقال له الحكم: انطلق بنا إلى منزلك، فلو علمت مقدمك لسبقتك إلى إتيانك، فمضى معه حتى أتى منزله، فرأى الهدايا التى أعد لخالد، فتحدث معه ساعة، ثم قال: إن منزلنا أحضر عدّة، و أنت مسافر، و نحن مقيمون، فأقسمت عليك إلا قمت معى إلى المنزل، و جعلت لنا من هذه الهدايا نصيبا فقام معه الرجل فقال: خذ منها ما أحببت.

فأمر بها فحملت كلها إلى منزله، و جعل الرجل يستحيى أن يمنعه منها شيئا، حتى صار معه إلى المنزل، فدعا بالغداء، و أمر بالهدايا، ففتحت، فأكل كل منها و من حضره، ثم أمر ببقيتها ترفع إلى خزائنه، و قام فقام الناس، ثم أقبل على الرجل، فقال: أنا أولى بك من خالد، و أقرب إليك رحما و منزلا، و هاهنا مال للغارمين، أنت أولى الناس به، ليس لأحد عليك فيه منّة إلا اللّه عز و جل، تقضى دينك.

ثم دعا بكيس فيه ثلاثة آلاف دينار، فدفعه إليه و قال: قد قرّب اللّه عز و جل عليك الخطو، فانصرف إلى أهلك مصاحبا محفوظا. فقام الرجل من عنده، يدعو له و يشكره، فلم تكن له همة إلى الرجوع إلى أهله، و انطلق الحكم معه يشّيعه، فسار معه شيئا، ثم‌


[1] فيدا: موضع فى منتصف طريق الحاج من الكوفة إلى مكة. انظر: معجم البلدان (فيدا).

نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد    جلد : 6  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست