responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 206

النّفس الأمارة، فليتركه لأحد أمرين: إما خشية، و إما فوات محبوب هو أحبّ إليه، و أنفع له، و خير له منه، و أدوم لذة و سرورا، فإن العاقل متى وازن بين نيل محبوب سريع الزوال بفوات محبوب أعظم منه، و أدوم، و أنفع، و ألذ أو بالعكس، ظهر له التفاوت، فلا تبع لذة الأبد التي لا خطر لها بلذة ساعة تنقلب آلاما، و حقيقتها أنها أحلام نائم، أو خيال لا ثبات له، فتذهب اللذة، و تبقى التبعة، و تزول الشهوة، و تبقى الشّقوة.

الثاني: حصول مكروه أشقّ عليه من فوات هذا المحبوب، بل يجتمع له الأمران، أعني: فوات ما هو أحبّ إليه من هذا المحبوب، و حصول ما هو أكره إليه من فوات هذا المحبوب، فإذا تيقن أن في إعطاء النفس حظها من هذا المحبوب هذين الأمرين، هان عليه تركه، و رأى أن صبره على فوته أسهل من صبره عليهما بكثير، فعقله و دينه، و مروءته و إنسانيته، تأمره باحتمال الضرر اليسير الذي ينقلب سريعا لذة و سرورا و فرحا لدفع هذين الضررين العظيمين. و جهله و هواه، و ظلمه و طيشه، و خفته يأمره بإيثار هذا المحبوب العاجل بما فيه جالبا عليه ما جلب، و المعصوم من عصمه اللّه.

فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، و لم تطاوعه لهذه المعالجة، فلينظر ما تجلب عليه هذه الشهوة من مفاسد عاجلته، و ما تمنعه من مصالحها، فإنها أجلب شي‌ء لمفاسد الدنيا، و أعظم شي‌ء تعطيلا لمصالحها، فإنها تحول بين العبد و بين رشده الذي هو ملاك أمره، و قوام مصالحه.

فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، فليتذكر قبائح المحبوب، و ما يدعوه إلى النّفرة عنه، فإنه إن طلبها و تأملها، وجدها أضعاف محاسنه التي تدعوا إلى حبه، و ليسأل جيرانه عما خفي عليه منها، فإن المحاسن كما هي داعية الحب و الإرادة، فالمساوئ داعية البغض و النّفرة، فليوازن بين الداعيين، و ليحب أسبقهما و أقربهما منه بابا، و لا يكن ممن غره لون جمال على جسم أبرص مجذوم و ليجاوز بصره حسن الصورة إلى قبح الفعل، و ليعبر من حسن المنظر و الجسم إلى قبح المخبر و القلب.

فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها لم يبق له إلا صدق الملجأ إلى من يجيب‌

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست