responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 123

الأجسام، فإنه أمر مشاهد محسوس، و أنت ترى الوجه كيف يحمرّ حمرة شديدة إذا نظر إليه من يحتشمه و يستحي منهج و يصفرّ صفرة شديدة عند نظر من يخافه إليه، و قد شاهد الناس من يسقم من النظر و تضعف قواه، و هذا كلّه بواسطة تأثير الأرواح، و لشدة ارتباطها بالعين ينسب الفعل إليها، و ليست هي الفاعلة، و إنما التأثير للروح، و الأرواح مختلفة في طبائعها و قواها و كيفياتها و خواصها، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بيّنا، و لهذا أمر اللّه- سبحانه رسوله أن يستعيذ به من شره، و تأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية، و هو أصل الإصابة بالعين، فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيّف بكيفية خبيثة، و تقابل المحسود، فتؤثّر فيه بتلك الخاصية، و أشبه الأشياء بهذا الأفعى فإن السم كامن فيها بالقوة، فإذا قابلت عدوها انبعثت منها قوة غضبية، و تكيّفت بكيفية خبيثة مؤذية، فمنها ما تشتدّ كيفيتها و تقوى حتى تؤثر في إسقاط الجنين، و منها ما تؤثر في طمس البصر، كما قال النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) في الأبتر، و ذي الطّفيتين من الحيات «إنهما يلتمسان البصر، و يسقطان الحبل» [1].

و منها، ما تؤثر في الإنسان كيفيتها بمجرد الرؤية من غير اتصال به لشدة خبث تلك النفس، و كيفيتها الخبيثة المؤثرة و التأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية، كما يظنّه من قلّ علمه و معرفته بالطبيعة و الشريعة، بل التأثير يكون تارة بالاتصال، و تارة بالمقابلة، و تارة بالرؤية، و تارة بتوجه الروح نحو من يؤثر فيه و تارة بالأدعية و الرقى و التعوذات، و تارة بالوهم و التخيل، و نفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية، بل قد يكون أعمى، فيوصف له الشي‌ء، فتؤثّر نفسه فيه و إن لم يره، و كثير من العائنين يؤثر فى المعين بالوصف من غير رؤية و قد قال تعالى لنبيه‌ وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ [2] و قال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ وَ مِنْ شَرِّ


[1] أخرجه البخاري في بدأ الخلق، و مسلم في السلام. و قد سمي بذلك لأن على ظهره خطين يشبهان الطّفيتين، اي الخوصتين. و الأبتر: قصير الذنب‌

[2] القلم- 51

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست