responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 259

لم يحصل له المطلوب، و هذا يشبه الجهل بالجهة التي فيها الصورة المطلوبة، فهذه هي الأسباب المانعة لإدراك الحقائق.

ثم إنّ العلوم التي ليست ضرورية إنما تحصل في القلب تارة بالاكتساب بطريق الاستدلال و التعلّم، و يسمّى اعتبارا و استبصارا، و يختصّ بالعلماء و الحكماء، و تارة بهجومه على القلب كأنه القي فيه من حيث لا يدري سواء كان عقيب طلب و شوق أو لا، و سواء كان مع الاطّلاع على السبب الذي منه استفيد ذلك العلم أو لا، فإنّه قد يكون بمشاهدة الملك الملقي في القلب نكتا، أو يلهم إلهاما، و قد يكون ذلك الهجوم في النوم كما يكون في اليقظة، و المشاهدة تختص بالأنبياء و الرسل، و خصّ باسم الوحي عرفا، و غيرها قد يكون لغيرهم، و كما أنّ الحجاب بين المرآة و الصورة يزال تارة بتعمّل اليد المتصرّفة، و تارة بهبوب ريح تحرّكه، فكذلك استفادة العلوم بالقلم الإلهي للإنسان قد تكون بقوّة فكرته المتصرّفة في تجريد الصور عن الغواشي و الانتقال من بعضها إلى بعض، و قد تهبّ رياح الألطاف الإلهيّة، فتكشف الحجب و الغواشي عن عين بصيرته، فيتجلّى فيها بعض ما هو مثبت في اللوح الأعلى، فيكون تارة عند المنام، فيظهر به ما سيكون في المستقبل، و تارة ينقشع الحجاب بلطف خفي من اللّه، فيلمع في القلب من وراء ستر الغيب شيء من غرائب أسرار الملكوت في اليقظة، فربما يدوم، و ربما يكون كالبرق الخاطف و دوامه في غاية الندور، فلم يفارق الإلهام و حديث الملك الاكتساب في العلم، و لا في محلّه، و لا في سببه، و لكن يفارقه في طريقة زوال الحجاب و جهته، و لم يفارق الوحي الإلهام و الحديث في شيء من ذلك، بل في شدة الوضوح و النورية، و مشاهدة الملك المفيد للعلم، و الكلّ مشتركة في أنّها بواسطة الملك الذي هو القلم، كما قال عزّ و جلّ: عَلَّمَ بِالْقَلَمِ و لعلّ الإشارة إلى هذه المراتب الثلاث في قوله سبحانه: وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلّٰا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا [1].

قال بعض العلماء: السرّ في اطّلاع النبي على الملك الموحى دون غيره أنّه لمّا صقل روحه بصقالة العقل للعبودية التّامة، و زالت عنه غشاوة الطبيعة و رين المعصية بالكلّية، و كانت نفسه قدسية شديدة القوى قوية الإنارة لما تحتها، لم تشغلها جهة فوقها عن جهة تحتها فتضبط الطرفين و تسع الجانبين، و لا


[1]. الشورى 42: 51.

نام کتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست