نام کتاب : الشافي في العقائد و الأخلاق و الأحكام نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 186
خالفكم و وقارهم فممّا أصابهم من لطخ أصحاب اليمين» [1].
و زاد في رواية: «فأعادهم طينا، و خلق منها آدم» [2].
* بيان
قد مرّ في كتاب العقل و الجهل بيان لهذا الحديث «و أديم الأرض» وجهها، و كأنه كناية عمّا ينبت منها ممّا يصلح لأن يصير غذاء للإنسان و يحصل منه النطفة أو تتربّى به و «العرك» الدلك، و لعلّ شدّته كناية عن مزجه بحيث يحصل منه المزاج المستعدّ لفيضان الحياة عليه، و هذا الخطاب إنّما كان في عالم الأمر، فإنّ الأجسام الخلقيّة الزمانية مجتمعة الوجود عنده تعالى في عالم الأمر، و إن كانت متفرّقة مبسوطة مندرجة في عالم الخلق، و لشدّة الارتباط بين الملك و الملكوت نسب المادة إليها قبل خلقها، و إنّما شبّه ماهيّات الأشخاص الجزئية الانسانية و حقائقها العلمية بالذرّ- أي النّمل الصغار الحمر- لخفاء وجوداتها الظلّية قبل إشراق نور الوجود الحسي عليها مع حياتها و شعورها، و في بعض الأخبار الآتية عبّر عنها بالظلال و الأظلّة.
و لعل معنى أخذ ميثاق ذرّية بني آدم على أنفسهم و إشهادهم عليه، استنطاق حقائقهم بألسنة قابليات جواهرها و ألسن استعدادات ذواتها عند كون نفوسهم في أصلاب آبائهم العقلية و معادنهم الأصلية، يعني شاهدهم و هم رقائق في تلك الحقائق، و عبّر عن تلك الاباء بالظهور لأنّ كلّ واحد منهم ظهرا و مظهرا لطائفة من النفوس، أو هي ظاهرة عنده لكونها هناك صورا عقلية نورية ظاهرة بذواتها.
وَ أَشْهَدَهُمْ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ[3] أي أعطاهم في تلك النشأة الإدراكية العقلية شهود ذواتهم العقلية و هويّاتهم النورية، فكانوا بتلك القوى العقلية يسمعون خطاب:
أ لست بربكم، كما يسمعون الخطاب في دار الدنيا بهذه القوى البدنية، فقالوا بألسنة تلك العقول: بلى أنت ربنا الذي أعطيتنا وجودا قدسيّا ربّانيا سمعنا كلامك و أجبنا خطابك.
أو نقول: تصديقهم به كان بلسان طباع الإمكان قبل نصب الدلائل لهم، أو بعد نصب الدلائل، و إنّه نزّل تمكينهم من العلم به و تمكّنهم منه بمنزلة الإشهاد