قلت: لا أرى فرقا بين دفع البائع السلعة إلى المشتري في بيع المعاطات و ردّ المشتري لها إليه إذا قصد إبطال المعاوضة الفعلية، فكما أنّ الأوّل إنشاء للبيع كذلك الثاني إنشاء بفسخه.
نعم، الفرق بينهما أنّ البائع يقصد من الإيصال إلى المشتري تمليكه، و إخراجه عن يده مقدّمة للإيصال المقصود به التمليك، و أنّ الإخراج عن ملكه لا يكون مقصودا له، و أنّما يحصل بحصول التمليك، و المشتري يقصد من إخراجه عن يده إخراجه عن ماله، الذي هو حقيقة إبطال العقد المعبّر عنه بالفسخ، و الإيصال إلى المشتري غير مقصود منه إلّا تحقّق الخروج الظاهر، الذي يقصد به الخروج عن ملكه.
و إذا كان الردّ هناك كذلك، فلا أظنّك تدّعي الفرق بين الردّ في المقامين سلّمنا عدم قصد الإنشاء، لكنّا ندّعي دلالته على الرضا بملكيّة المردود اليه للمردود، و هذا المقدار كاف في حصول الفسخ، لما سيأتي في باب الفسخ، مضافا الى أنّ الأخبار- كما عرفت- كلّها ناطقة بكفاية الردّ في حصوله.
لا يقال: إنّ موردها شرط خيار الفسخ بالردّ، لا شرط الخيار بعد الردّ كما هو مفروض الكلام، فأنّ المدّعى قابليّة الردّ لحصول الفسخ به في حدّ ذاته. و هذا لا يفرّق فيه مفروض الكلام عن مورد الأخبار.
نعم، الفرق بينهما من وجه آخر، و هو عدم حصول الخيار قبل الردّ- هنا- لعدم شرطه، و حصوله هناك لإطلاق اشتراطه في متن العقد، و هذا هو الموجب للفرق بينهما كما عرفت.
الرابعة:
يسقط هذا الخيار بأمور:
منها: الإسقاط، و لا إشكال فيه إذا كان بعد الردّ، و قبل الفسخ، و أمّا قبل الردّ ففيه إشكال، فإنّه إسقاط لما لم يجب، و هو- منجزا- غير معقول إنشاء عن جدّ و تأثير.