يكون خارجا عن ابتلاء المكلّف لا مجرى له، إذ ليس للمكلّف تعلّق به من حيث العمل حتى يجري الأصل، و عدم جريانه يكون الأصل في الطرف الآخر سليما عن المعارض.
و أمّا الثاني: فلأنّ التكليف الفعلي غير معلوم، لاحتمال اتّحاد الموضوع الذي حكمه الحرمة، مع ما لم يكن المكلّف مبتلى به، و حينئذ يكون العقل حاكما بالبراءة بالنسبة إلى ما يبتلى به المكلّف، كما أنه يحكم بها أيضا بالنسبة إلى ذلك الموضوع.
بل يمكن أن يقال: إنّ أخبار البراءة- مثل قوله (عليه السّلام): كل شيء فيه حلال [1] إلى آخره، و قوله (عليه السّلام): كل شيء لك حلال [2] إلى آخره- شاملة لما لا يكون خارجا عن ابتلاء المكلّف فيما نحن فيه، بل و كذا أخبار أصالة الطهارة- مثل قوله (عليه السّلام): كل شيء لك طاهر [3]- و إن قلنا: إنّ تلك الأخبار لا تشمل المشتبه المقرون بالعلم الإجمالي- كما يأتي- بل كذلك أخبار الاستصحاب، و إن قلنا: بأنّ الاذن في المخالفة القطعية ممكن و لا يكون قبيحا، و قلنا: إنّ عدم جريان تلك الأخبار في أطراف العلم الإجمالي لما فيها من الدلالة على وجوب نقض الشك باليقين الإجمالي لا لعدم تعقّل الاذن في المخالفة القطعية أيضا.
بقي الكلام في شيء: و هو أنّ تميّز موارد الابتلاء عن موارد عدمه مشكل، و مقتضى الأصل عند الاشتباه: إلحاق العلم الإجمالي- الذي شكّ في خروج بعض أطرافه عن الابتلاء- بما علم خروج بعض أطرافه عن الابتلاء، و ذلك لأنّ الحكم بالبراءة فيما لم يخرج عن الابتلاء لعدم العلم بالتكليف بالاجتناب عن الموضوع المشتبه الذي أوجب جريان الأخبار في ذلك الطرف على تقدير شمولها لصورة العلم الإجمالي، و حكم العقل بالبراءة فيه على تقدير عدم جريانها، و عدم العلم يكفي فيه الشك في دخول بعض الأطراف فيما يبتلى به المكلّف كما لا يخفى.