على أنّه لو قلنا بجواز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص مثلا، فلا بدّ أيضا من ملاحظة ذلك؛ لأن جواز ذلك- ليس بديهيّ العقل و الدين [1]- صار معركة لآراء الفقهاء المطّلعين الماهرين المتبحرين، بل شاع و ذاع خلاف ذلك حتّى كاد يكون خلافه إجماعيا، و قد عرفت وجه اتّفاقهم و حقيّة رأيهم، فعلى هذا كيف يتيسّر عدم الملاحظة أصلا، سيّما [2] بعد ما عرفت من أنّ الظنّ ليس بحجّة إلّا ظنّ المجتهد الذي بذل جهده بقدر وسعه؟
و من هذا ظهر وجه الحاجة إلى بعض مباحث الكتاب، و العام و الخاص، و المطلق و المقيّد، و مباحث الناسخ و المنسوخ، و المحكم و المتشابه أكثرها.
ثم إنّ بعض ألفاظ الكتاب و السنّة لا يعرف معناه الحقيقي حتّى يبنى عليه عند عدم القرينة، و بعضها يعرف لكن لا يعرف اصطلاح زمان الشارع فيه، و بديهيّ أنّه المناط و قد أشرنا إليه [3]، فلا بدّ من تحصيل المعرفة علما أو ظنّا يكون حجّة، و من ملاحظة أنّه لو لم تحصل فالعلاج ما ذا؟ و طريقة العمل أيّ شيء يكون؟
و من هذا ظهر وجه الحاجة إلى مباحث الحقيقة الشرعية، و الأمر و النهي، و المشتق، و العموم و الخصوص، و أمثال ذلك.
ثم إنّه ربّما يكون ظاهر خطابات الكتاب و السنّة يقتضي أمرا و في بادئ النظر أنّ العقل- بل و العرف أيضا- يأبى عنه و يقتضي خلافه. و من ثمّ صار محل