الظن الذي لا شبهة في حجّيته، أو حصل لهم الجزم بحجّيته، أو لم يتيسّر لهم ما تيسّر لنا من الأخبار، و اتّحاد من تيسّر له مع من لم يتيسّر في الحكم محلّ تأمّل، كيف و الشيعة إلى زمان الباقر (عليه السّلام) و تمكّنه من إظهار الحق ما كانوا يعرفون الحلال و الحرام و سائر الأحكام على وفق مذهبنا؟ بل و ربّما كان ضروري مذهبنا مخفيّا عليهم، بل و من أصول الدين أيضا، و الظاهر أنّهم في الفروع كانوا على مذهب العامّة، و لذا ترى الزيديّة هكذا حالهم، ثم إنّ الباقر (عليه السّلام) أبلغهم قدرا من الأحكام على حسب ما حصل له التمكّن و وجد المصلحة، ثمّ من بعده الصادق (عليه السّلام) كذلك، و مع ذلك كثير [1] من الشيعة كانوا [2] يعملون بقول العامّة، معتقدين أنّه شرع اللّه حتّى زجراهم و حذّراهم عن التحاكم إليهم و الأخذ بقولهم، و أمراهم بالرجوع إلى أنفسهم، و هكذا كان حجج اللّه من بعدهما (عليهما السّلام) كانوا يظهرون قدرا من الأحكام و يمنعون عن الأخذ بقول غيرهم، و ربّما كانوا يقولون لهم: «كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» [3]، أو يقولون: «إذا لم تعلم حكما فأت فقيه العامّة فما حكم فخذ بخلافه» [4]، أو يقولون: «إذا لم يرد عليكم حديث في حكم فخذوا بما رواه العامّة»، عن علي (عليه السّلام) [5] .. إلى غير ذلك من أمثال ما ذكر، بل و في زمان واحد
[3] من لا يحضره الفقيه: 1/ 208 الحديث 937، عوالي اللآلي: 2/ 44 الحديث 111 و 3/ 166 الحديث 60، وسائل الشيعة: 6/ 289 الحديث 7997.
[4] عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): 1/ 248 الحديث 10، علل الشرائع: 531 الحديث 4، تهذيب الأحكام: 6/ 294 الحديث 820، وسائل الشيعة: 27/ 115 الحديث 33356، الحديث نقل بالمعنى في المتن.
[5] وسائل الشيعة: 27/ 91 الحديث 33292، عدّة الاصول: 1/ 379 نقل الحديث بالمعنى في المتن.