و أما الثاني؛ فمشترك بينهما، بل لا اختصاص له بموضع؛ فإنّ الدين ليس فيه من حرج، و لا يثبت منه الجواز، و لو لم يكن حرج و في جميع الأحوال مثل سائر المباحات، فمع أنّ الإخراج بهذه الآية و ملاحظتها دون الأدلّة الّتي ذكرناها لا يخلو من تأمّل.
و يمكن الجواب عن الكلّ: بأنّ لا معنى للحرام أو النجس [1] شرعا إلّا وجوب الاجتناب عنه، و لا تأمّل في وجوب ما لا يتم الواجب إلّا به عقلا [2] لأجل تحقق الواجب، إنّما النزاع في كونه واجبا شرعيّا معه خطاب شرعي على حدة التزاما، و أمّا نفس الواجب فلا شبهة في وجوبه شرعا و تحقّق الخطاب و العقاب.
فنقول: إمّا أن يتركان معا فيلزم خروج الواجب عن كونه واجبا [3]، أو خصوص أحدهما فيلزم الترجيح بلا مرجّح أصلا، مثلا الحكم بنجاسة أحد الإناءين بخصوصه فاسد، و كذا طهارتهما معا؛ لكون أحدهما نجسا قطعا، و لو ورد نصّ على إباحتهما معا أو إباحة أحدهما، فلا نزاع فيما ورد فيه ذلك النصّ بعد ثبوت حجيّته.
و ما دلّ على أنّه لا تكليف إلّا بعد العلم لا يمنع ما ذكر؛ لأنّ نجاسة أحدهما معلومة قطعا، فالتكليف معلوم.
و أمّا الفرق بين المحصور و غيره [4]، فقد بينّاه في حاشيتنا على «المدارك»، و الحرج دليل واضح تام.