و اعلم أنّ حدّ الخبر ما صحّ فيه الصدق و الكذب، و هو على ضربين:
أحدهما يعلم أنّ مخبره على ما يناوله الخبر، و الآخر لا يعلم ذلك منه، و هو أيضا على ضربين: أحدهما يعلم أنّه على خلاف ما يناوله الخبر و الآخر متوقّف فيه.
و الإجماع لا يصحّ على مثل قولنا: السماء تحتنا، و لا على عكسه، و إنّما يدخل فيما يتوقّف فيه، و إذا أجمعت الأمّة على العمل بخبر واحد و علم أنّه لا دليل على ذلك الحكم إلّا ذلك الخبر على أنّه صدق، و هذا هو القرينة الرابعة.
و إذا كان خبر الواحد موافقا لما أجمعت الفرقة المحقّة عليه، فإنّه متى كان كذلك دلّ على صحة متضمنه، و لا يمكننا أيضا أن نجعل إجماعهم حجّة و دليلا على صحّة نفس الخبر؛ لأنّ من الجائز أن يكونوا أجمعوا على ذلك لدليل غير هذا الخبر، أو خبر غير هذا الخبر، و لم ينقلوه استغناء بإجماعهم على العمل به، و لا يدلّ ذلك على صحّة نفس هذا الخبر.
و إذا تلقّت الطائفة خبرا بالقبول- و إن كان الأصل فيه واحد- يعلم أنّه صدق، فهذه الخمسة من القرائن [1].
فصل [في خبر الواحد المحض]
و متى تجرّد الخبر عن تلك القرائن كان خبرا واحدا محضا، ثم ينظر فيه، فإن كان زائدا على ما تضمّنه هذا الخبر؛ هناك ما يدلّ على خلاف ما يتضمّن ذلك